فيهم.
وهذا معاوية قد سبَّ عليّاً وأهل بيته عليهمالسلام ، واستمرَّ ذلك في زمن بني أميَّة ثمانين سنة ، ولم ينقص ذلك من قدره عندكم ، وكذلك الشيعة اجتهدوا في جواز سبِّ أعداء أهل البيت منهم ، ولو كانوا مخطئين فيهم غير مأثومين.
ومدح الله تعالى لهم في القرآن نقول به ; لأنهم ممدوحون بقول مطلق ; لأن فيهم أتقياء أبراراً ، وليس كلّهم كذلك جزماً ، وحديث الحوض يوضح ذلك (١).
وأيضاً فيهم منافقون بنصّ القرآن ، فلا يمنع مدح الله لهم فسق بعضهم أو كفره ، واجتهادنا في جواز سبِّ ذلك البعض.
فقال كالمتعجِّب : أو يجوز الاجتهاد بغير دليل؟!
فقلت : أدلّتهم في ذلك كثيرة واضحة.
فقال كالمستبعد : بيِّن لي منها واحداً.
فقلت : سأذكر لك ما لا يمكنك إنكاره ، وذلك أنه قد ثبت عندكم وعندنا أن النبيَّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لمَّا جعل أسامة بن زيد أميراً ، وجهَّزه إلى الشام أمر الصحابة عموماً باتّباعه ، وخصَّص أبا بكر وعمر وأمرهما باتّباعه ، وقال : جهِّزوا جيش أسامة ، لعن الله من تأخَّر عن جيش أسامة (٢) ، وقد تخلَّف الرجلان بإجماع المسلمين ، فكانا مشمولين بنصّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ونصّ الله ; لأنه لم ينطق عن الهوى.
فقال : إنما تخلَّفا باجتهاد ، وشفقة على الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم والمسلمين ، وقالا : كيف نمضي ونترك نبيَّنا مريضاً ، نسأل عنه الركبان؟! ورأيا صلاح المسلمين في
__________________
١ ـ سوف يأتي قريباً.
٢ ـ السقيفة وفدك ، الجوهري : ٧٧ ، شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : ٦ / ٥٢ ، وراجع المصادر الأخرى في الجزء الثالث : ٤٢٣.