ونجدِّد في كل سنة إقامة التعزية ، وذكر مصائب سيِّد الشهداء عليهالسلام والنوح والجزع والبكاء عليه ، واللعن على قاتله ، وتسميتهم بأسمائهم لئلا تطمعوا في إنكار هذا الأمر البديهيِّ الضروريِّ ، الواصل شأنه إلى هذا المقام ..
قال : لمَّا سمعوا مقالته هذه ارتعدت فرائصهم ، وتغيَّرت ألوانهم ، واصفرَّت وجوههم ، وطأطأوا رؤوسهم إلى الأرض ، فارتطموا في الوحل.
ثمَّ قال : والله إن هذا كان في باب ذلك الرجل من ألطاف الله تعالى وإلهاماته بحسب المقام ; لأنه كان رجلا من عوام الناس ، غير مطّلع على اصطلاحات العلماء ، وكيفيّة معارضتهم ومباحثاتهم (١).
قال الأستاذ عبدالمنعم حسن السوداني المستبصر : والمحاولات التي يبثُّها المغرضون اليوم حول البكاء على الحسين عليهالسلام ما هي إلاَّ إحدى المحاولات لإسكات صوت الحقّ ، وإطفاء نور الله ( وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) (٢).
ولو لم يفعل الشيعة ذلك لإحياء ذكرى كربلاء لحاولوا طمسها كما فعلوا بحادثة الغدير ، ولقالوا لنا اليوم إن الذي قتل لم يكن الحسين بن علي عليهالسلام ، ويكفي فخراً لمجالس الحسين عليهالسلام أنَّها ما فتئت تؤرق مضاجع الطغاة ، وتلهب في النفس المؤمنة روح الجهاد ، ويكفي قراءة خطبة واحدة من خطب الحسين عليهالسلام ليسري مفعولها السحريُّ في الأرواح المؤمنة (٣).
__________________
١ ـ أسرار الشهادة ، الدربندي : ١ / ٧٥ ـ ٧٦.
٢ ـ سورة التوبة ، الآية : ٣٢.
٣ ـ بنور فاطمة اهتديت ، عبدالمنعم حسن السوداني : ٢٠٣.