وصريحة في ذلك ، وأن دعوى النسخ غير ثابتة ، وكذلك التأويلات الأخرى ، وهي تنفي صراحة القول بغسلهما ، فما ورد من قول ابن عباس : الوضوء غسلتان ومسحتان ، واحتجاج أنس بالآية الشريفة على لزوم المسح وتكذيبه الحجاج الذي أمر الناس بالغسل ، وقول قتادة : افترض الله .. وقولهم : نزل جبرئيل بالمسح ، كلُّها دلائل قطعية على أن المتعيِّن في الرجلين هو المسح وليس الغسل.
ويدل كلام ابن عباس وقوله : أبى الناس إلاَّ الغسل على أن تحوُّل الناس من المسح إلى الغسل ليس شرعّياً ، ولهذا نسب الغسل للناس ، ولو كان من السنّة والشرع لما صحَّ أن ينسب الغسل للناس.
وبعد ما عرفت جملة من هذه الروايات التي تنصّ على لزوم المسح فلا عبرة إذن بما ورد من دعوى أن الصحابة كانوا يغسلون أرجلهم (١) ; إذ لا يعدو كونه اجتهاداً منهم ، كما يدل عليه قول ابن عباس : وأبى الناس إلاَّ الغسل ، فلا يمكن بوجه ترك ما جاء به القرآن الكريم والمصير إلى اجتهادات الصحابة ، وما قيل من أن المسح مضت به السنّة من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) فهو غير صحيح قطعاً ، فإنه لو كان من السنّة لما خفي على أميرالمؤمنين عليهالسلام الذي هو باب مدينة علم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأقضى الأمة ، وعلى ابن عباس حبر الأمّة ، ومن حذا حذوه من الصحابة.
وما رووه عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من أنه غسل قدميه ، فهو من الروايات التي لا
__________________
١ ـ الدرّ المنثور ، السيوطي : ٢ / ٢٦٢.
٢ ـ الدرّ المنثور ، السيوطي : ٢ / ٢٦٢.