إن هذه الأحاديث فقط وفقط لمن أمعن في ألفاظها ، وعمق معانيها لأكبر دليل على استخلاف النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عليّاً عليهالسلام في قومه حين خرج إلى غزوة تبوك ، كما استخلف موسى عليهالسلام هارون على قومه واستوزره ، وإن تشبيه النبيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عليّاً بهارون من موسى فيه كل الاستدلال على أن يخلفه بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى.
وقصة الغدير المعروفة المتواترة وحدها ـ وحدها فقط ـ صريحة في أن النبيَّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أثبت الولاية لعليٍّ ليكون خليفته ، وقد همَّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يكتب في مرض وفاته حين رأى الصحابة في هرج ومرج ـ كتاباً يحول بينهم وبين الضلال والتفرقة ، لو لا أن عمر بن الخطاب حال بينه وبين كتابة الكتاب.
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من كنت مولاه فعليٌّ مولاه ، صريح في أن عليّاً عليهالسلام أصبح مولى كل مؤمن ومؤمنة.
أمَّا الدليل العقلي على أحّقيّة الإمام عليٍّ بالخلافة ـ كرَّم الله وجهه ـ فهو أن الخلافة وتولّي أمور المسلمين بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يجدر أن يتولاَّها إلاَّ من كان نسيج وحده ، وقريع دهره في الشمائل والفضائل ، وقد فاق أقرانه ، وأربى على الأكفاء ، وتميَّز عن النظراء ، وترفَّع عن الأشكال ، وانفرد عن مواقف الأشباه ، لا تفتح العين على مثله ، ولا يلقى نظيره ، ولا يدرك قرينه ، كاملا في دينه ، وفي عمله ، وفي تقواه ، لإعلاء كلمة لا إله إلاَّ الله محمّد رسول الله ، ونصرة سيِّد الأنام صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكان أسبق الخلق إلى الإسلام غير مدافع ، وأفضلهم وأشجعهم ، وأتقاهم غير معارض.
وكل هذه الصفات مستجمعة في الإمام علي الذي ولد مسلماً ، وأسلم بأمر من الله تبارك وتعالى ، وتخرَّج من مدرسة الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وترعرع وشبَّ