الْمُفْلِحُونَ * أَعَدَّ اللّهُ لَهُمْ جَنَّات تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) (١)؟
قلت : نعم ، هذه هي صفة بعض الصحابة ، وهم دعامة الإسلام وقوامه ، وبتضحياتهم ارتوت شجرة الدين ، وبسيوفهم ساد الحقُّ والعدل ، وزال الظلم والجور والشرك والكفر ، فهم اللبنة الأساسيّة في نشر هذا الدين القويم ، ولسنا بمنكرين لفضلهم ، وقد أمرنا جلَّ جلاله في كتابه الكريم بالدعاء لهم ، حيث قال : ( رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلاِِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالاِْيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) (٢) ، صدق الله العليُّ العظيم.
ولكن الكلام ليس في هؤلاء ، بل إسداء عنوان العصمة لجميع الصحابة بلا استثناء أصلا حتى المرتكب منهم للجرائم ، ومن لعنهم الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بلسانه كما يظهر من تعريف ابن حجر وابن حزم.
كيف يعقل هذا من الدين ، وقد نقل المؤرِّخون حوادث وحوادث استحقَّ مرتكبها الضرب والقتل واللعن؟ بل الأصحاب فيما بينهم كانوا يتنازعون ويتشاتمون ، وهذا هو معنى قولنا بعدم عصمة جميع الصحابة ، وأين هذا من كلام الشيخ جار الله الذي ادّعى فيه أننا نكفِّر عامة الصحابة؟ وهل يتناسب هذا مع الذوق السليم والمسلك القويم ، إذا حملنا كلامه على صدق النيّة ومحدوديَّة الاطلاع؟ أمَّا لو كان عالماً عامداً في نسبة هذا الكلام إلينا مع علمه لما نقول وندّعي فعلى الله جزاؤه ، وهو أحكم الحاكمين.
وأمَّا مسألة السبِّ واللعن ...
__________________
١ ـ سورة التوبة ، الآية ٨٨ ـ ٨٩.
٢ ـ سورة الحشر ، الآية : ١٠.