وأنّهم المبلِّغون عن الله تعالى .. وفاتهم أن جعل الأنبياء والأوصياء وسيلة إلى الله تعالى ضرورة ذهنيّة للبشر ، ذلك أن الفاصلة بين ذهن الإنسان المحدود الميَّال إلى الماديّة والمحدوديّة ، وبين التوحيد المطلق المطلوب والضروريّ ، فاصلة كبيرة ، فهي تحتاج إلى نموذج ذهنيٍّ حاضر من نوع الإنسان ، يمارس التوحيد أمامه ، ويكون قدوة له.
وبدون هذا النموذج القدوة ، يبقى الإنسان في معرض الجنوح في تصوُّره للتوحيد وممارسته ، والجنوح في هذا الموضوع الخطير أخطر أنواع جنوح الضلال ، وهذا هو السبب ـ في اعتقادي ـ في أن الله تعالى جعل أنبياءه وأوصياءهم عليهمالسلام حججاً على العباد ، وهو السبب في أنه جعلهم من نوع أنفسهم ، وليس من نوع آخر كالملائكة مثلا.
والنتيجة : أن وجود الوسيلة بين العباد والله تعالى لو كان يرجع إلينا لصحَّ لنا أن نقول : يا ربَّنا! نريد أن تجعل ارتباطنا بك مباشراً ، ولا تجعل بيننا وبينك واسطة في شيء ، وهذا ما يميل إليه أهل الإشكال على الشفاعة والتوسّل! ولكن الأمر ليس بيدنا ، فالأفضل أن يكون منطقنا أرقى من ذلك ، فنقول : اللّهم لا نقترح عليك ، فأنت أعلم بما يصلحنا ، وإن أردت أن تجعل أنبياءك وأوصياءك واسطة بيننا وبينك ، وحججاً علينا عندك ، فنحن مطيعون لك ولهم ، ولا اعتراض عندنا.
وهذا هو التسليم المطلق لإرادته تعالى ، وقد عبَّر عنه سبحانه بقوله لرسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في سورة الزخرف : ( قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ).
صارم : كلامك طويل ، وفيه نسبة من الصحّة ، إضافة إلى بعض الشبه التي تحتاج إلى ردّ ، فلو كان مقالك قصيراً لرددت على كل نقطة تذكرها وتخالف ما أعتقده ، لذا أرجو مرَّة أخرى أن يكون جوابك مختصراً دقيقاً ، وعموماً فأجيبك