إلاَّ أن يحجب الله كلام من لا يحبُّه عنه.
وهذا التوسُّل ليس فيه أيُّ شائبة شرك ; لأنَّا نعتقد أنه عبد الله ورسوله ، ليس له من الأمر شيء إلاَّ ما أعطاه الله ، ولا يملك شياً من دون الله ، بل كل ما يملكه فهو من الله تعالى ، وطلبنا منه وتوسُّلنا به ليس دعاء له من دون الله ، بل هو دعاء الله وطلب من الله وحده ، والطلب من الرسول أن يكون واسطة وشفيعاً إلى ربِّه.
ودليلنا على ذلك : الآيات والأحاديث الصحيحة التي أجازته وحثَّت عليه .. وقد أشرت لك إلى أننا لم نخترع ذلك من عندنا ، ولا عندنا هواية لأن نضمَّ إلى الطلب من الله مباشرة الطلب منه تعالى بواسطة ، ولا الأمر إلينا حتى نختار هذا الأسلوب في دعائنا وعبادتنا أو ذاك ... بل الأمر كلُّه له عزَّ وجلَّ ، وقد قال لنا : ( اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ ) (١) ، وقال : ( أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ ) (٢) ، وقال : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ ) (٣) ، وقال عن أبناء يعقوب : ( يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ) (٤) ، كما روينا ورويتم الأحاديث الصحيحة الدالّة في رأي علماء المذاهب ومذهبنا.
فهل إشكالكم علينا لأنا نطيع ربَّنا ، ونتّبع الواسطة والوسيلة التي أمرنا بها ، ولا نتفلسف عليه ونقول له : نريد أن ندعوك مباشرة ، فلا تجعل بيننا وبينك واسطة؟! لقد أمر عزَّ وجلَّ رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يكون موحِّداً بلا شروط ، ويطيعه
__________________
١ ـ سورة المائدة ، الآية : ٣٥.
٢ ـ سورة الإسراء ، الآية : ٥٧.
٣ ـ سورة النساء ، الآية : ٦٤.
٤ ـ سورة يوسف ، الآية : ٩٧.