السبكي ، والشيخ جمال الدين بن الزملكاني ، والشيخ داود أبو سليمان المالكي ، وابن جملة ، وغيرهم من الأئمّة ، وردُّوا على عصريِّهم الشيخ تقي الدين بن تيمية ، فإنه قد أتى في ذلك بشيء منكر لا تغسله البحار ، والله وليُّ التوفيق ، ربُّ السماوات والأرض وما بينهما ، العزيز الغفَّار (١).
قول صارم : وأسأل مرَّة أخرى : ما الذي يستطيع عمله الميِّت حينما تستشفع به؟
أقول : ( كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ) (٢) ، أيقال في حق رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم هذه الكلمة ، وهو الذي يسلِّم عليه كل مسلم في صلاته خمس مرَّات في اليوم والليلة؟! فإذا كان بموته لا ينتفع منه فلماذا إذن نسلِّم عليه ونصلّي عليه؟ وصارم يعلم جيِّداً نحن لا نستشفع إلاَّ بالأنبياء والأولياء ، وحتى لو كانوا موتى فإنهم مقرَّبون عند الله تعالى ولهم شأن عظيم ، وبموتهم لا ينقطع هذا الشأن وهذا القرب من الله تعالى ، فليست منزلة الشهداء عند الله تعالى بأرفع مقاماً عند الله منهم ، أو أكثر جاهاً منهم ، وقد أثبت لهم الحياة عنده تعالى.
وقد درج هذا الفكر المتخلِّف على الاستهانة بالأنبياء والأولياء ، وأنهم إذا ماتوا لا ينتفع أحد منهم لابدعاء ولا استشفاع وما شاكل ذلك ، وما هذا إلاَّ استخفافاً بالدين باسم التوحيد ، وتنقيته من شائبة الشرك ، ولعمري إذا جاز التوسُّل بالحيِّ جاز أيضاً بالنسبة للميِّت ; إذ أنه يتوسَّل به لشأنه وجاهه ومنزلته عند الله تعالى ، وهي حاصلة عنده أيضاً بعد الموت بلا فرق.
__________________
١ ـ سبل الهدى والرشاد ، الصالحي الشامي : ١٢ / ٣٨٠ ـ ٣٨٤.
٢ ـ سورة الكهف ، الآية : ٥.