يأمر الله تعالى نبيَّه محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم في واقعة غدير خم في تبليغ هذه الآية الكريمة ، وقد أجمع المفسِّرون من السنّة والشيعة على أنها نزلت في غدير خم ، في شأن علي عليهالسلام ، في تحقيق أمر الخلافة والإمامة ، وأنها نصٌّ من الله سبحانه وتعالى.
هشام آل قطيط : سماحة العلامة البدري! بعد ذكرك لهذه الأدلّة القيِّمة التي أثبتَّ من خلالها أحقّيّة علي عليهالسلام بالخلافة ، لكن لم أسمع الجواب على سؤالي بالتحديد ، وخاصّة أن الأكثريّة أجمعوا على خلافة أبي بكر.
السيِّد البدري : أنا ذكرت لك هذا الدليل من القرآن لكي تأخذه بالاعتبار ; لأن مصدرنا التشريعي الأوَّل هو القرآن ، والثاني هو السنة النبويّة ، والآن أعطيك الجواب ، وأبيِّن لك على أن رأي الأكثريَّة ليس بحجَّة ، ولو أنك ـ يا بني ـ وقفت قليلا على ما سجَّله التاريخ الصحيح لعلمت أن عليّاً عليهالسلام لم يقرَّهم على ذلك ، أو أنه رضي بذلك إلاَّ أن رضا أكثرهم لا يكون دليلا علميّاً على صوابهم وأن الحق في جانبهم ، كما صرَّحت بذلك الكثير من آيات الكتاب العزيز.
فعل الأكثرين لا يكون دليلا على الصواب ، فمن ذلك قوله تعالى : ( وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ ) (١) ، وقال تعالى : ( وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ) (٢) ، وقال تعالى : ( وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْد وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ ) (٣) ، وقال تعالى : ( فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً ) (٤) ، وقال تعالى : ( إِنَّ اللّهَ
__________________
١ ـ سورة ص ، الآية : ٢٤.
٢ ـ سورة سبأ ، الآية : ١٧.
٣ ـ سورة الأعراف ، الآية : ١٠٢.
٤ ـ سورة الفرقان ، الآية : ٥٠.