الخطاب بعده ... (١).
ونقل ابن أبي الحديد أيضاً في شرح نهج البلاغة في ٣٠٨ تحت عنوان ( خطبته عند مسيره للبصرة ) قال : روى الكلبي أنّه لمَّا أراد عليٌّ عليهالسلام المسير إلى البصرة قام فخطب الناس ، فقال بعد أن حمد الله وصلَّى على رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إن الله لمَّا قبض نبيَّه استأثرت علينا قريش بالأمر ، ودفعتنا عن حقٍّ نحن أحقُّ به من الناس كافّة ، فرأيت أن الصبر على ذلك أفضل من تفريق كلمة المسلمين ، وسفك دمائهم ، والناس حديثو عهد بالإسلام ، والدين يمخض مخض الوطب ، يفسده أدنى وهن ، ويعكسه أقلُّ خلف (٢).
ولعليٍّ عليهالسلام في نهج البلاغة كتاب إلى أهل مصر ، بعثه مع مالك الأشتر رحمهالله ، جاء فيه : أمَّا بعد ، فإن الله سبحانه بعث محمّداً صلىاللهعليهوآلهوسلم نذيراً للعالمين ، ومهيمناً على المرسلين ، فلمَّا مضى صلىاللهعليهوآلهوسلم تنازع المسلمون الأمر من بعده ، فو الله ما كان يلقى في روعي ، ولا يخطر ببالي أن العرب تزعج هذا الأمر من بعده صلىاللهعليهوآلهوسلم عن أهل بيته ، ولا أنه نحوَّه عنّي من بعده صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فما راعني إلاَّ انثيال الناس على فلان يبايعونه ، فأمسكت بيدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام ، يدعون إلى محق دين محمَّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلماً وهدماً ، تكون المصيبة به عليَّ أعظم من فوت ولايتكم التي إنما هي
__________________
١ ـ نهج البلاغة ; خطب أميرالمؤمنين عليهالسلام : ١ / ٣٠ ـ ٣٢ ، رقم : ٣ ، شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : ١ / ١٥١ ، الإرشاد ، المفيد : ١ / ٢٨٧ ـ ٢٨٨ ، الأمالي ، الطوسي : ٣٧٢ ـ ٣٧٣ ح ٥٤ ، علل الشرائع ، الصدوق : ١٥٠ ـ ١٥١ ح ١٢ ، معاني الأخبار ، الصدوق : ٣٦٠ ـ ٣٦١ ح ١ ، مناقب آل أبي طالب ، ابن شهر آشوب : ٢ / ٤٨.
٢ ـ شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : ١ / ٣٠٨ ، بحار الأنوار ، المجلسي : ٣٢ / ٦٢.