متاع أيام قلائل ، يزول منها ما كان ، كما يزول السراب ، وكما ينسطع السحاب ، فنهضت في تلك الأحداث حتى زاح الباطل وزهق واطمأنّ الدين وتنهنه (١).
ونقل ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة تحت عنوان ( خطبة الإمام علي عليهالسلام بعد قتل محمّد بن أبي بكر ) قال : روى إبراهيم ـ صاحب كتاب الغارات ـ عن رجاله ، عن عبد الرحمن بن جندب ، عن أبيه قال : خطب علي عليهالسلام بعد فتح مصر ، وقتل محمّد بن أبي بكر ، فنقل خطبة بليغة ذكر فيها وقائع أليمة وقعت بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وذكر بعض ما كتبه لأهل مصر ، وأشار في خطبته إلى الشورى التي أمر بها عمر بن الخطاب وخرج بالنتيجة قائلا :
فصرفوا الولاية إلى عثمان ، وأخرجوني منها ، ثمَّ قالوا : هلمَّ فبايع وإلاَّ جاهدناك ، فبايعت مستكرهاً ، وصبرت محتسباً ، فقال قائلهم : يا بن أبي طالب! إنك على هذا الأمر لحريص ، فقلت : أنتم أحرص منّي وأبعد ، أيُّنا أحرص أنا الذي طلبت ميراثي وحقّي الذي جعلني الله ورسوله أولى به ، أم أنتم إذ تضربون وجهي دونه ، وتحولون بيني وبينه؟ فبهتوا ، والله لا يهدي القوم الظالمين (٢).
ولا أطيل عليك بعدِّ هذه الأدلّة من كلمات الإمام عليهالسلام وخطبه المشهورة التي تبيِّن مظلوميَّته وسكوته عن حقّه وقعوده.
هشام آل قطيط : هل الخطبة الشقشقيّة للإمام علي عليهالسلام أم من إنشاء وأقوال الشريف الرضي الذي جمع نهج البلاغة؟ وقد ثبت في التأريخ أنه لم يكن ناقماً على خلافة الخلفاء الراشدين قبله ، بل كان راضياً منهم ، ومن آمن لهم.
__________________
١ ـ نهج البلاغة ، خطب الإمام علي عليهالسلام : ٣ / ١١٨ ـ ١١٩ ، رقم الكتاب : ٦٢ ، شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : ١٧ / ١٥١.
٢ ـ شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : ٦ / ٩٦ ، الغارات ، الثقفي : ١ / ٣٠٨.