جعل لنا طرقاً نلجأ إليها عندما يتعسَّر الدليل الواقعيُّ.
أمَّا إذا كنت تقصد أن اكتشاف العلل وتوضيحها يجعل الفقه أكثر مرونة وتطوُّراً ، فإن هنالك نظريات شيعيّة عميقة في هذا الجانب ، تنطلق من مفهوم أن الدين ثابت ومتغيِّر ، وقد فصلَّ آية الله محمّد تقي المدرّسي في كتابه التشريع الإسلامي هذا الأمر ، وهو يبني نظريَّته على أن كل النصوص (١) الدينيّة تبيِّن الحكم مع الحكمة ، فيتتبَّع الفقيه هذه الحكم من خلال نصوص القرآن والسنة ، فتشكِّل هذه الحكم مجموعة قواعد كلّيّة يمكن للفقيه أن يرجع إليها الحوادث الجزئيَّة.
الدكتور : ما أنكرته في أول حديثك أقررت به في هذا الكلام ، فهذه النظريّة التي ذكرتها مؤخَّراً تدلُّ على أن الأصول الشيعيَّة جامدة ، ممَّا دفع المدرِّسي أن ينتهج هذا النهج ، الذي هو أقرب إلى الطرح السنّيِّ ، كما أن المدرِّسي من العلماء المعاصرين ، فتجربته ما زالت حديثة ، لا تحسب ضمن تاريخ المدرسة الأصوليّة الشيعيّة ، بخلاف الأصول عند أهل السنّة ، الذين هم أول من طرق هذا الباب الذي اكتشفه المدرسي مؤخَّراً ، ولعلّه استفاد من الطرح السنّيِّ.
الشيخ معتصم : إن كلامي غير متناقض ، فإنه يصبُّ في نفس المنحى ، ويؤكِّد أن الأصول الشيعيّة متطوِّرة ، فإن كل فترة زمنيّة لها من الظروف والدواعي التي تحتِّم على الأصول انتهاج نهج جديد ، وهو بالطبع لا يخالف القديم ، وإنما الطرح وبلورة النظريّة وتنقيح الأفكار عادةً ما يضيفان نوعاً من الحداثة ، وإلاَّ
__________________
١ ـ النصوص وليست الأحكام ، والفرق كبير. ( الشيخ معتصم ).