فإنّ الله سبحانه وتعالى أمر بطاعة وليِّ الأمر على سبيل الجزم ، وكل من يأمر الله بطاعته على سبيل الجزم لابد أن يكون معصوماً ، وإلاّ اجتمع الأمر والنهي في موضع واحد ، وهذا محال ; لأنه لا يأمر بالمعصية وينهى عنها.
وتقرير ذلك : إذا أمرنا الله بالطاعة الحتميّة لوليِّ الأمر ، مع افتراض المعصية والخطأ منه ، فنقع بالتبع في المعصية والخطأ منّا لطاعتنا له ، فيكون بذلك قد أمرنا الله بالمعصية والخطأ بطريقة غير مباشرة ، وفي الوقت نفسه قد نهانا الله عن الخطأ والمعصية ، وهذا تناقض ومحال ، فتتحتَّم وتتعيَّن العصمة للإمام ، وهذا هو المقياس الذي جعله الله لنا لنكتشف من خلاله المصداق الخارجي للإمام ، وهذا يعني الكفر بكل وال ادّعى خلافة المسلمين وهو غير معصوم ، فضلا على أن يكون فاسقاً مجاهراً بالفجور.
وياترى من الذين كفل الله عصمتهم وطهارتهم حتى يكونوا ولاة أمورنا؟ لم نجد في آيات الذكر الحكيم ، ولا أحاديث النبيِّ الأمين صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولا من بين دفّات التاريخ جماعة طهّرهم الله وأذهب عنهم الرجس غير أهل بيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال تعالى : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (١).
وإفادة العصمة واضحة من هذه الآية ، وذلك لاستحالة تخلُّف المراد ، إذا كان المريد هو الله سبحانه ، وهي تطهير أهل البيت عليهمالسلام خاصة ، وأداة الحصر ( إنّما ) شاهدةٌ على ذلك ، وهذا بالإضافة لتأكيدات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على تعضيد هذا المعنى ، كما في حديث الثقلين : إنّي أوشك أن أُدعى فأجيب ، وإنّي تاركٌ
__________________
١ ـ سورة الأحزاب ، الآية : ٣٣.