وأمَّا أبان بن تغلب فمغث حقّاً بباطل فغلبك ، وأمَّا زرارة فقاسك فغلب قياسه قياسك ، وأمَّا الطيار فكان كالطير يقع ويقوم ، وأنت كالطير المقصوص لا نهوض لك ، وأمَّا هشام بن سالم فأحسن أن يقع ويطير ، وأمَّا هشام بن الحكم فتكلَّم بالحق فما سوَّغك بريقك.
يا أخا أهل الشام! إن الله أخذ ضغثاً من الحقِّ ، وضغثاً من الباطل فمغثهما ، ثمَّ أخرجهما إلى الناس ، ثمَّ بعث أنبياء يفرِّقون بينهما ، ففرَّقها الأنبياء والأوصياء ، وبعث الله الأنبياء ليعرِّفوا ذلك ، وجعل الأنبياء قبل الأوصياء ليعلم الناس من يفضل الله ومن يختصّ ، ولو كان الحقُّ على حدة والباطل على حدة ، كل واحد منهما قائم بشأنه ما احتاج الناس إلى نبيٍّ ولا وصيٍّ ، ولكنَّ الله خلطهما ، وجعل تفريقهما إلى الأنبياء والأئمة عليهمالسلام من عباده.
فقال الشامي : قد أفلح من جالسك.
فقال أبو عبد الله عليهالسلام : كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يجالسه جبرائيل وميكائيل وإسرافيل ، يصعد إلى السماء فيأتيه بالخبر من عند الجبّار ، فإن كان ذلك كذلك فهو كذلك.
فقال الشامي : اجعلني من شيعتك وعلِّمني.
فقال أبو عبدالله عليهالسلام لهشام : علِّمه ، فإنّي أحبُّ أن يكون تلماذاً لك.
قال علي بن منصور وأبو مالك الحضرمي : رأينا الشاميَّ عند هشام بعد موت أبي عبد الله عليهالسلام ، ويأتي الشامي بهدايا أهل الشام ، وهشام يزوِّده هدايا أهل العراق. قال علي بن منصور : وكان الشاميُّ ذكيَّ القلب (١).
__________________
١ ـ اختيار معرفة الرجال ، الطوسي : ٢ / ٥٥٤ ـ ٥٦٠ ح ٤٩٤ ، بحار الأنوار : ٤٧ / ٤٠٧ ـ ٤٠٩ ح ١١.