وذلك لقول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إنّ الفرقة الناجية « ما كنت عليه أنا وأصحابي » ، فإنّ الموضوع أوسع من المدّعى ، وبصورة أخرى : إن الصغرى غير تامّة ، فمن الذي يقول : إنّ الذي عليه أنتم هو نفس ما كان عليه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه؟!
وكون أهل السنة هم الطائفة الوحيدة ، التي جسَّدت ما كان عليه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه ، هذه مصادرة من غير دليل ; لأن كل الطوائف تدّعي وصلا بليلى.
وثانياً : الاختلافات الكبيرة جدّاً بين أهل السنّة هي دليل على بطلان ما تدّعي ، فليس هناك في الواقع مذهب واحد متكامل يسمَّى أهل السنّة ، وكل ما هنالك عنوان يسمّى أهل السنة ، تنطوي تحته مجموعة من المدارس ، التي تختلف في أبسط المسائل الفقهيّة ، بل حتى في طريقة التعامل مع السلف ، فأيّ أهل السنّة والجماعة تقصد؟ هل هم الوهابية؟ ويوجد هنالك من يدّعون أنهم أهل السنّة ويكفِّرون الوهابيِّة ، فلا تعمّم الكلام ، ولا تحاول أن تلزمني بالعناوين الفضفاضة.
أمَّا كلامك في الصفات الإلهيَّة فيكتنفه نوع من الغموض ، فما معنى أن نثبت لله ما أثبته لنفسه من غير كيف؟! فهذا التبرير لا يقبله صاحب عقل سليم ; لأنّ الجهل بالكيفيّة لا يغيّر عنوان القضيّة ، وهو لا يتعدَّى أنّ يكون إبهاماً وألغازاً ; لأنّ إثبات هذه الألفاظ هو عين إثبات معانيها الحقيقيّة ، وصرفها عن معناها الحقيقي هو عين التأويل الذي أنكرته ، وإثبات المعنى الحقيقي لها لا ينسجم مع عدم الكيفيّة ; لأن الألفاظ قائمة بمعانيها ، والمعاني قائمة بالكيفيّة ، وإجراء هذه الصفات بمعانيها المتعارفة هو عين التجسيم والتشبيه ، والاعتذار بقولك : ( بلا كيف ) لا يتعدّى أن يكون لقلقة لسان ، وإذا كانت هذه الألفاظ الجوفاء تكفي