وعندها أطرقت رأسي خجلا ، وقلت : سامحني يا خالي ، ولكنَّ الحوار ليست فيه اعتبارات ، وأنت صادق فيما قلت ، وما عليك إلاَّ مواصلة النقاش ، وعليك ذكر دليل الشيعة على أن الإمام علياً عليهالسلام قد نصّ عليه من قبل الله تعالى.
خالي : إذا كنت مديرة مدرسة أو شركة وطرأ عليك سفر ، فهل تغادرين هذه المدرسة أو تلك الشركة بدون تعيين أيِّ وكيل؟
قلت : طبعاً لا ، وليست هذه صفة أيِّ إداريٍّ عاقل.
خالي : إذن فهل خرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من هذه الدنيا بدون وضع أيِّ حلٍّ لأمّته؟ فهل كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يجهل بما سيقع من بعده من حروب وفتن واختلافات؟ وهل يعقل أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ هذه الشخصيَّة العملاقة التي بنت أعظم حضارة في تأريخ الإنسانيَّة ـ يترك هذه الحضارة من غير تعيين من يرعى شؤونها؟
أو ليس من الواجب على الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يكون حريصاً على العباد ، فيختار إليهم من يكون إمامهم في أمور الدين والشريعة؟ أو ليس هو القائل : ستفترق أمّتي على ثلاث وسبعين فرقة ، كلُّها في النار إلاّ واحدة (١).
حاشا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يترك أمَّته سدىً ، وهو العالم بما سيجري بعده ، وقد أثبت التاريخ أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان إذا أراد أن يخرج من المدينة إلى غزوة كان لا يخرج حتى يجعل خليفة ، وقد ذكر البخاري في صحيحه أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عندما خرج لغزوة تبوك خلَّف علي بن أبي طالب عليهالسلام على المدينة ، وقال له : يا علي! ألا ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيَّ
__________________
١ ـ مسند أحمد بن حنبل : ٣ / ١٢٠ ، المستدرك ، الحاكم النيسابوري : ١ / ١٢٨ ، وقد تقدَّمت تخريجاته.