وإذا كنت في شك ممَّا قلت لك تكون قد خالفت أهل البيت عليهمالسلام الذين تدّعون التمسُّك بهم ; لأنّ علي بن أبي طالب عليهالسلام بنفسه بايع أبا بكر ولم يخالفه ، وإذا كانت الخلافة له لم سكت وبايع أبا بكر ، وكان على الأقل احتجّ عليهم وذكَّرهم بأن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قد نصَّ عليه ، ولكن حدث عكس ذلك ، فقد أقرَّ عليٌّ عليهالسلام مبدأ الشورى كما جاء في هذا النص ـ كتبته من كتاب يرجعه إلى نهج البلاغة ـ : وإنَّما الشورى للمهاجرين والأنصار ، فإن اجتمعوا على رجل وسمّوه إماماً كان ذلك لله رضاً ، فإن خرج من أمرهم بطعن أو بدعة ردّوه إلى ما خرج منهم ، فإن أبى قاتلوه على اتّباعه غير سبيل المؤمنين (١) ، ولعلّ عليّاً عليهالسلام كان يدري أنَّ أناساً يأتون من بعده يدّعون أن الإمامة حقٌّ له دون غيره ، ولذلك سطَّر هذه الكلمات حتى تكون حجّة عليهم مدى الدهر.
هذا من جهة عليٍّ عليهالسلام ، أمَّا من جهة الصحابة فالأمر أوضح ، لأنهم لم يبايعوا علياً ، ولو كان هناك نص عليه لم يتخذوا دونه بدلا ، ولا يمكن أن يقبل أن كل الصحابة قد تواطؤا على عليٍّ ، وهم الذين مدحهم الله في كتابه : ( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً ) (٢) ، وكما قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أصحابي كالنجوم بأيِّهم اقتديتم اهتديتم (٣) (٤).
__________________
١ ـ نهج البلاغة ، ٣ / ٧ ، من كتاب له عليهالسلام لمعاوية ، رقم : ٦ ، شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : ٣ / ٧٥ و ١٤ / ٣٥ ، تأريخ دمشق ، ابن عساكر : ٥٩ / ١٢٨ ، المناقب ، الخوارزمي : ٢٠٢.
٢ ـ سورة الفتح ، الآية : ٢٩.
٣ ـ تقدَّمت تخريجاته.
٤ ـ قال محمّد بن عقيل في النصائح الكافية : ١٨١ ـ بعدما ساق حديث : أصحابي كالنجوم ـ : قال ابن عبد البرّ : هذا إسناد لا تقوم به حجَّة ; لأن الحرث بن غصين مجهول ، وقال أيضاً عن محمّد بن أيوب