منتنة (١).
ولولا قيادته الحكيمة صلىاللهعليهوآلهوسلم لخضّب وجه الأرض بدماء المسلمين من المهاجرين والأنصار ، وكم حدثت أمثال تلك الحوادث ، حتى قال فيهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا معشر المسلمين! أبدعوى الجاهليّة وأنا بين أظهركم (٢) وحتّى تتأكَّد ممَّا قلته لك ارجع إلى أيِّ كتاب في التأريخ ، لترى الصورة الحقيقيَّة للمجتمع الأول ، ولا تفهم من ذلك أنّي أشكِّك في مجتمع الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكل ما أقصده أنّ النظرة المثاليّة ليست واقعيّة.
قلت : ليس كلّ ما جاء في كتب التأريخ حقيقة.
خالي : عفواً! لا تعتمدي على الكلمات المطلقة ، ليس كل ما في التأريخ حقيقة ، هذا الكلام عليك وليس معك ; لأنّ السلف الذين تدافعين عنهم أنتِ لم تعيشىِّ معهم ، وكل ما تعرفينه عنهم هو عبر التأريخ ، هذا أوَّلا.
وثانياً : إنّ هنالك روايات في الصحاح التي تعترفون بصحّتها تكشف أن المجتمع الأول لم يكن مثاليّاً كما تتخيَّلين ، وإليك هذه الحادثة التي جاءت في صحيح البخاري في قصة الإفك كمثال وليس حصراً :
قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو على المنبر : يا معشر المسلمين! من يعذرني في رجل قد بلغني عنه أذاه في أهلي ، والله ما علمت على أهلي إلاَّ خيراً ، ولقد ذكروا رجلا ما علمت منه إلاَّ خيراً ، وما يدخل على أهلي إلاَّ معي.
قالت عائشة : فقام سعد بن معاذ أخو بني عبد الأشهل ، فقال : أنا ـ يا
__________________
١ ـ صحيح البخاري : ٤ / ١٦٠ و ٦ / ٦٥ ـ٦٦.
٢ ـ أسد الغابة ، ابن الأثير : ١ / ١٤٩ ، سيرة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ابن هشام : ٢ / ٣٩٧ ، فتح القدير ، الشوكاني : ١ / ٣٦٨.