رسول الله ـ أعذرك ، فإن كان من الأوس ضربت عنقه ، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا.
قالت عائشة : فقام رجل من الخزرج ، وهو سعد بن عبادة ، وهو سيِّد الخزرج ، وكان قبل ذلك رجلا صالحاً ولكن احتملته الحميَّة ، فقال سعد بن عبادة : كذبت لعمر الله ، لا تقتله ولا تقدر على قتله ، ولو كان من رهطك ما أحببت أن يقتل.
فقال أسيد بن حضير ـ وهو ابن عم سعد بن معاذ ـ لسعد بن عبادة : كذبت لعمر الله ، لتقتلنّه ، فإنك منافق تجادل عن المنافقين.
قالت عائشة : فصار الحيَّان ( الأوس والخزرج ) حتى همُّوا أن يقتتلا ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قائم على المنبر ، ولم يزل رسول الله يخفضهم ( أي يهدِّئهم ) حتى سكتوا (١).
فعليك أن تتدبَّر ، هذا هو الحال ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بينهم ، فكيف الحال بعد وفاته؟!
واسمحي لىِّ أن أتجاسر قليلا وأقول لك : إنّ فرض الديمقراطية في مثل هذا المجتمع هرطقة فاضحة.
وذلك لأنَّ العمليّات الانتخابيّة التي يفترض إجراؤها تحت مظلّة الديمقراطيَّة تستلزم وعياً ، ونظراً للمصالح والمفاسد ، وتقويماً للطرق السليمة التي تفيد المجتمع في ارتقائه وتكامله ، وتجربة في الحياة السياسيّة ، وهذا كلُّه يستدعي أرضيَّة ثقافيَّة وفكريَّة نشطة لدى أبناء الشعب ، وفي غير تلك الصورة
__________________
١ ـ صحيح البخاري : ٥ / ٥٨ و ٦ / ٧ ـ ٨.