كما سئل هذا السؤال الإمام الرضا عليهالسلام ، وهو الإمام الثامن من أهل البيت عليهمالسلام ، فأجاب : لأنّه ـ أي أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام ـ اقتدى برسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في تركه جهاد المشركين بمكة بعد النبوَّة ثلاث عشرة سنة ، وبالمدينة تسعة عشر شهراً (١).
وجاء في كتاب معاوية إلى عليٍّ عليهالسلام : وأعهدك أمس تحمل قعيدة بيتك ليلا على حمار ، ويداك في يدي ابنيك الحسن والحسين يوم بويع أبو بكر ، فلم تدع أحداً من أهل بدر والسوابق إلاَّ دعوتهم إلى نفسك ، ومشيت إليهم بامرأتك ، وأدليت إليهم بابنيك ، فلم يجبك منهم إلاَّ أربعة أو خمسة ... مهما نسيت فلا أنسى قولك لأبي سفيان لمَّا حرّكك وهيّجك : لو وجدت أربعين ذوي عزم منهم لناهضت القوم (٢).
فأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام ترك جهاد القوم ، لقلّة ناصريه ، فصبر وفي العين قذى ، وفي الحلق شجى ، يرى تراثه ينهب ، ويعلِّل ذلك بأنّه لم يسكت إلاَّ تأسِّياً بالأنبياء عليهمالسلام ، حيث قال : إنّ لي بسبعة من الأنبياء أسوة :
__________________
١ ـ والرواية هي عن الصدوق عليه الرحمة ، عن الهيثم بن عبد الله الرماني قال : سألت علي بن موسى الرضا عليهالسلام ، فقلت له : يابن رسول الله! أخبرني عن علي بن أبي طالب لم لم يجاهد أعدائه خمساً وعشرين سنة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ثمَّ جاهد في أيام ولايته؟ فقال : لأنَّه اقتدى برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في تركه جهاد المشركين بمكة ثلاث عشرة سنة بعد النبوَّة ، وبالمدينة تسعة عشر شهراً ، وذلك لقلّة أعوانه عليهم ، وكذلك علي عليهالسلام ترك مجاهدة أعدائه لقلّة أعوانه عليهم ، فلمَّا لم تبطل نبوَّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مع تركه الجهاد ثلاث عشرة سنة وتسعة عشر شهراً ، كذلك لم تبطل إمامة علي عليهالسلام مع تركه الجهاد خمساً وعشرين سنة ; إذ كانت العلّة المانعة لهما من الجهاد واحدة.
علل الشرائع ، الصدوق : ١ / ١٤٨ ح ٥ ، عيون أخبار الرضا عليهالسلام ، الصدوق : ١ / ٨٧ ـ ٨٨ ح ١٦.
٢ ـ شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : ٢ / ٤٧.