العبرة .. وفي استشهاده وفي ذكراه تعلو العبرة .. فللحسين مجد مكتوب من الأزل الأبديّ لا ينال إلاَّ بالدمع الأحمر : يا حسين! اعلم أن لك عند الله أجراً لا تبلغه إلاَّ بالشهادة.
قبل أن أعيش في رحاب التشيُّع ، وأهتدي إلى مذهب أهل البيت عليهمالسلام لم أكن أعرف عن الحسين عليهالسلام إلاَّ ما درسناه في المدارس ، وهي قصة مجتزأة تعبِّر عن الكبت الدائم لقضيَّة كربلاء ، أذكر أنّني كنت في الرابع الابتدائي ، فحاول الأستاذ ـ تبعاً للمنهج ـ أن يطوي كل ذلك التأريخ في قوله : إن يزيد قتل الإمام الحسين عليهالسلام وأولاده وسبى نساءه ، في معركة تسمَّى كربلاء ، فسألت طالبة مسيحيَّة بدهشة : كيف تجوِّزون قتل ابن بنت نبيِّكم؟ فدمعت عيناي دون أن أشعر ، فكانت تلك أول دمعة في مصاب الإمام الحسين عليهالسلام ، فقال الأستاذ : ذلك قدر الله على هذه الأمة.
قدر الله أم غدر الأمة التي لم تحفظ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في ذرِّيَّته وهو
القائل : أذكِّركم الله في أهل بيتي (١) ، وقال الله تعالى في حقِّهم : ( قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) (٢) ، أيقتل ـ روحي له الفداء ـ في أبشع صورة مرَّت على تأريخ البشرية ، وهو الذي قال فيه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : حسين منّي وأنا من حسين ، أحبَّ الله من أحبّ حسيناً (٣) ، وقال : الحسين مصباح الهدى وسفينة
__________________
١ ـ راجع : فضائل الصحابة ، أحمد بن حنبل : ٢٢ ، مسند أحمد بن حنبل : ٤ / ٣٦٧ ، السنن الكبرى ، النسائي : ٥ / ١٥ ح ٨١٧٥ ، المعجم الكبير ، الطبراني : ٥ / ١٨٢ ـ ١٨٣ ، تأريخ دمشق ، ابن عساكر : ٤١ / ١٩ ، الدرّ المنثور ، السيوطي : ٥ / ١٩٩.
٢ ـ سورة الشورى ، الآية : ٢٣.
٣ ـ وهو من الأحاديث المتواترة جداً ، راجع : الإرشاد ، المفيد : ٢ / ١٢٧ ، مناقب آل أبي طالب ، ابن شهر