قال : فقال سعد : إني رأيت الدنيا قد أظلمت ، فقلت لبعيري : إخ ، فأنختها حتى انكشفت.
قال : فقال معاوية : لقد قرأت ما بين اللوحين ، ما قرأت في كتاب الله عزَّوجلَّ : إخ.
قال : فقال سعد : أمَّا إذا أبيت فإني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول لعلي : أنت مع الحق والحق معك حيثما دار.
قال : فقال معاوية : لتأتيني على هذا ببيِّنة.
قال : فقال سعد : هذه أم سلمة تشهد على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقاموا جميعاً فدخلوا على أم سلمة ، فقالوا : يا أم المؤمنين! إن الأكاذيب قد كثرت على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهذا سعد يذكر عن النبيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ما لم نسمعه.
أنه قال ـ يعني لعلي عليهالسلام ـ : أنت مع الحق والحق معك حيثما دار.
فقالت أم سلمة : في بيتي هذا قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لعلي.
قال : فقال معاوية لسعد : يا أبا اسحاق! ما كنت ألوم الآن إذ سمعت هذا من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وجلست عن علي عليهالسلام ، لو سمعت هذا من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لكنت خادماً لعلي حتى أموت (١).
ولا يسوغ لمعاوية أن يتذرَّع بعدم معرفة علي عليهالسلام وفضله ، وحرمة قتاله ، وأنه على الحق ، والمتتبِّع لكلمات معاوية في حق علي عليهالسلام يلمس جيّداً أنه كان يعرف الكثير من فضل علي عليهالسلام ، ويعرف حرمته ، ومع ذلك لا يتورَّع عن عداوته
__________________
١ ـ تاريخ مدينة دمشق ، ابن عساكر : ٢٠ / ٣٦٠ ـ ٣٦١ ، مناقب أميرالمؤمنين عليهالسلام ، محمّد بن سليمان الكوفي : ١ / ٤٢١ ـ ٤٢٣ ح ٣٣٠.