وقتاله وشتمه ، غير أن الحقد الدفين أصمَّه وصدَّه عن الحق وأعمى بصيرته.
قال المسعودي بعد رواية ابن أبي نجيح : ووجدت في وجه آخر من الروايات ـ وذلك في كتاب علي بن محمّد بن سليمان النوفلي في الأخبار ـ عن ابن عائشة وغيره : ان سعداً لمَّا قال هذه المقالة لمعاوية (١) ونهض ليقوم ضرط له معاوية ، وقال له : اقعد حتى تسمع جواب ما قلت ، ما كنت عندي قطّ ألأم منك الآن ، فهلا نصرته؟ ولم قعدت عن بيعته؟ فاني لو سمعت من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مثل الذي سمعت فيه لكنت خادماً لعليٍّ ما عشت.
فقال سعد : والله إني لأحقُّ بموضعك منك.
فقال معاوية : يأبى عليك بنو عذرة ، وكان سعد فيما يقال لرجل من بني عذرة (٢).
وفي رواية ابن كثير في تأريخه قال : دخل سعد بن أبي وقاص على معاوية ، فقال له : مالك لم تقاتل علياً؟
فقال : اني مرَّت بي ريح مظلمة ، فقلت : أخ أخ ، فأنخت راحلتي حتى انجلت عنّي ، ثمَّ عرفت الطريق فسرت.
فقال معاوية : ليس في كتاب الله أخ أخ ، ولكن قال الله تعالى : ( وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الاُْخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ) (٣) فو الله ما كنت مع الباغية على العادلة ، ولا مع العادلة على الباغية.
__________________
١ ـ يعني ذكره بعض فضائل علي عليهالسلام وما سمعه من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في حقه.
٢ ـ مروج الذهب ، المسعودي : ٣ / ١٥ ، وحكى شطراً منه سبط ابن الجوزي في تذكرته : ٢٧.
٣ ـ سورة الحجرات ، الآية : ٩.