ب ـ قد يترك جامع العلوم شرح اللمع بالقول ، ويستغني عن عبارة (قال أبو الفتح) ، ويكتفي بعنوان الباب فقط كما صنع ابن برهان ، والثمانيني ، كل منهما يشرح ، ونص ابن جني في ذهنه ، وكأنه أثبته بالقول ، وهذا لديه كثير أيضا ، ومن الأمثلة على ذلك : (باب إعراب الاسم المعتل ؛ إذ بدأه بعد العنوان ، بقوله : الاسم المعتل : ما كان آخره ياءا قبلها كسرة أو ألفا .. الخ) (١).
ونص ابن جني في اللمع : (الاسم المعتل على ضربين : منقوص ، ومقصور) (٢).
ح ـ ترك جامع العلوم الكثير من الأبيات التي استشهد بها ابن جني في لمعه فلم يستشهد بها أو يشرحها ، فمنه قوله ، في باب المفعول معه :
فكونوا أنتم ، وبنو أبيكم |
|
مكان الكليتين من الطحال (٣) |
وقول الآخر ، في باب : لا ، في النفي :
فلا لغو ، ولا تأثيم فيها |
|
وما فاهوا به ، أبدا ، مقيم (٤) |
٣ ـ الاستشهاد :
أـ الاستشهاد بالقرآن الكريم : كان للقرآن الكريم النصيب الأوفر في الاستشهاد عند جامع العلوم ، وقد احتفل به احتفالا عظيما ، وجعله في الصدارة من شواهده ، وعاب من قدم عليه الشعر في الاستشهاد ، إذ استهجن ولوع ابن جني في الاستشهاد بالشعر ؛ فقال : (فإذا نظرت إلى عثمان) (٥) وقد أخذ في تعداد الشواهد على أصل واحد (٦) ، فاعلم أن أفضل منه وأنبل ، وأخص وأحسن مقالا من بدل شواهده من الشعر بشواهد من التنزيل .. ألا ترى أنه عليه السّلام قال : (أهل القرآن هم أهل الله وخاصته ، ولم يقل : أهل أبيات ذي الرمة ، ولا أبيات النابغة ، فلم أفنيت عمرك (٧) في تعداد هذا .. وأين أنت من قوله : (لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِينَ)(٨) ، وقوله : (فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي)(٩). وقوله : (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)(١٠) ، وقوله : (هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي)(١١) ، وقوله : (فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ)(١٢). أفترى هو في حكايته : جاءته كتابي (١٣) ، هذا فائزا بالحظ الأوفى ، أم الذي يعد لك هذه الآي) (١٤).؟!
وقال أيضا : (وإنما ينبغي أن تعنى بالشواهد من التنزيل ، وطلب المعاني من الكتاب في التنزيل ، بعد إحكام ظاهر التنزيل ، يسمح لك بهذه الأشياء ، فإن خالفت هذه الصفة تحقق فيك
__________________
(١) شرح اللمع لجامع العلوم ٣٤.
(٢) اللمع في العربية ٦٢.
(٣) نفسه ١٣٢.
(٤) نفسه ١١١.
(٥) الكشف ٦٣٥ ، ٦٥٤ ، ٦٥٧.
(٦) الخصائص ٢ : ٤١١ ، والجواهر ٢ : ٦٧٥.
(٧) الخطاب لابن جني.
(٨) ٢ : سورة البقرة ٦٩.
(٩) ٦ : سورة الأنعام ٧٨.
(١٠) ٧ : سورة الأعراف ٥٦.
(١١) ١٨ : سورة الكهف ٩٨.
(١٢) ٢ : سورة البقرة ٢٧٥.
(١٣) الخصائص ٢ : ٤١٦.
(١٤) الكشف ٢ : ٦٥٤.