[٤٣ / ب] وكلام الله ، لا يحمل على الضرورة. والكلام في هذا طويل. أعني في هذه الآية.
وهو أيضا ، من جملة الأشياء المأخوذة ، على أبي إسحاق. ولا يتجه أخذه عليه ، لأن آية ، وإن كان نكرة ، فقد تخصص بقوله : (لهم). إذ كان (لهم) : صفة للآية. والنكرة الموصوفة ، بمنزلة المعرفة.
ومما جاء من ذلك أيضا ، في الشعر ، [قول الشاعر] :
٩٣ ـ إذا متّ ، كان الناس : نصفان : شامت |
|
وآخر : مثن بالذي كنت أصنع (١) |
ففي كان ضمير الشأن مرفوع به. والناس : مبتدأ. ونصفان : خبره. والجملة خبر كان ، تفسير للأمر ، والشأن. [ومنه قول الآخر] :
٩٤ ـ هي الشّفاء لدائي ، لو ظفرت بها |
|
وليس منها شفاء الدّاء مبذول (٢) |
ففي : ليس ، ضمير الشأن. وشفاء الداء : مبتدأ. ومبذول : خبره. والجملة : تفسير الأمر ، والشأن. وقال تعالى : (مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ)(٣) قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ (٤). ففي كاد ضمير الأمر ، والشأن. وتزيغ قلوب فريق منهم : جملة فعلية ، في موضع خبر كاد ، تفسير للأمر ، والشأن. وزعم المبرد (٥) : أن قوله : قلوب فريق منهم : مرتفع بكاد ، وتزيغ : خبره ، فهو مقدم مؤخر. ولو كان ، كما زعم ، لكان : كادت ، كما جاءت تزيغ. وإن قال : فقد قرئ : يزيغ ، فإن فاعله بعده ، لا يلتبس. وهذا يلتبس. ومثل الآية [قول الشاعر] :
٩٥ ـ فأصبحوا ، والنّوى عالي معرّسهم |
|
وليس كلّ النّوى ، يلقي المساكين (٦) |
أي : ليس الأمر ، والشأن يلقي المساكين كل النوى. وعلى هذا [قول الآخر] :
٩٦ ـ ... |
|
ليس يحيك الملام في همم (٧) |
أي : ليس الأمر ، والشأن يحيك الملام. فالملام : مرتفع بيحيك. فهذا في باب المبتدأ ، وكان.
فأما في باب : إنّ ، فقد قال عز ، وجل : (إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً)(٨). أي : إن الأمر ، والشأن.
__________________
(١) البيت من الطويل ، للعجير السلولي في : الأغاني ١٣ : ٥٨ ، وفيه : نصفين ، بدل : نصفان ، وعلى هذه الرواية فلا شاهد فيه ، والتحصيل ٩٠ ، وبلا نسبة في : الكتاب ١ : ٧١ ، وابن يعيش ١ : ٧٧.
(٢) البيت من الطويل ، لهشام بن عقبة ، أخي ذي الرمة ، في : الكتاب ١ : ٧١ ، ١٤٧ ، والتحصيل ٩٠. وبلا نسبة في : المقتضب ٤ : ١٠١ ، وابن يعيش ٣ : ١١٦.
(٣) قرأ : حمزة ، وحفص عن عاصم (يزيغ) بالياء. وقرأ بالتاء : الكسائي ، وابن عامر ، وابن كثير ، ونافع ، وعاصم ، وشعبة ، وخلف ، ويعقوب ، وأبو جعفر. السبعة ٣١٩ ، وحجة القراءات ٣٢٥ ، وإعراب القرآن ـ للنحاس ٢ : ٤٤ ، والتيسير ١٢٠ ، وتفسير التبيان ٥ : ٣١٣ ، والكشف ـ للقيسي ١ : ٥١٠ ، ومجمع البيان ٥ : ٧٨ ، والبحر المحيط ٥ : ١٠٩ ، والنشر ٢ : ٢٨١ ، وإتحاف الفضلاء ٢٤٥ ، وغيث النفع ١٥٣.
(٤) ٩ : سورة التوبة ١١٧.
(٥) في المقتضب ٣ : ٧٥ ، وفيه : (فلا تذكر خبرها إلا فعلا ، لأنها لمقاربة الفعل في ذاته).
(٦) البيت من البسيط. لحميد بن مالك الأرقط ، في : الكتاب ١ : ٧٠ ، ١٤٧ ، والتحصيل ٩٠ ، والخزانة ٩ : ٢٧٠ ، وبلا نسبة في : المقتضب ٤ : ١٠٠ ، وابن يعيش ٧ : ١٤٠ ، وابن عقيل ١ : ٢٨٤.
(٧) البيت من الخفيف ، لم أهتد إلى قائله.
(٨) ٢٠ : سورة طه ٧٤.