بانفراده لا يفيد. فإذا انضم إليه شيء آخر ، أفاد. فجاز : (إن الذين تدعون من دون الله عبادا أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم) لما ذكر [٥٠ / ب](فَلْيَسْتَجِيبُوا) ، أفاد. ولو قال : (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ فَادْعُوهُمْ)(١) ولم يذكر (فليستجيبوا) لم يكن ليجوز.
[فإن قلت] : فكيف يكون : (فادعوهم) خبرا ، وهو أمر ، فإنه [كقول الشاعر] :
١٢٢ ـ ولو أصابت ، لقالت ، وهي صادقة |
|
إنّ الرّياضة ، لا تنصبك للشّيب (٢) |
[قلت] : فقد زعم في قوله :
١٢٣ ـ وقائلة : خولان ، فانكح فتاتهم |
|
وأكرومة الحيّين ، خلو كما هيا (٣) |
أنّ خولان : رفع بهذه مضمرة. ولم يرتفع بالابتداء ، على أن يكون الخبر (فانكح) ، لأن الفاء تمنع من ذا ، فكيف جاز أن يكون (فَادْعُوهُمْ) : خبر (إِنَّ الَّذِينَ)؟. ذلك جاء ، لما تضمن الاسم معنى الشرط ، والجزاء. وإذا كان قد جاء : (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) إلى أن قال : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ)(٤). وقوله : (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ)(٥) مع أن الاسم غير موصول ، وإنما كان وصفه موصولا ، فجاء الفاء ، لما عد الوصف كالجزء ، من الموصوف ، وإن كان الوصف غير لازم للاسم لزوم الشرط. ألا ترى أنك مخير بين وصف الاسم وتركه ، ومع ذلك جاءت الفاء ، فما ظنك إذا كان الاسم هو الموصول؟ [فإن قلت] : فكيف وجه قوله :
١٢٤ ـ أرواح مودّع ، أم بكور |
|
أنت ، فانظر لأيّ ذاك تصير (٦) |
فإنّ (أنت) هاهنا مرتفع بالمصدر. فكأنه قال : أتروح أم تبكر أنت. فليس بإسناد فانظر إليه. ويجوز أن يرتفع على أن يكون : أرواح ، بمعنى [الفعل](٧) كأنه أرائح أم باكر أنت.
ويجوز أن يرتفع على تقدير : أذو رواح ، وبكور أنت.
__________________
(١) ٧ : سورة الأعراف ١٩٤.
(٢) البيت من البسيط ، للجميح الأسدي ، في : المفضليات ٣٤ ، والخزانة ١٠ : ٢٤٦ ، ٢٤٧ ، وفيها : لو أرادت.
وبلا نسبة في الجمل ١ : ٤٢٨.
(٣) البيت من الطويل ، بلا نسبة في : الكتاب ١ : ١٣٩ ، ١٤٣ ، ٣ : ١٧٨ ، والتحصيل ١١٩ ، ومعاني القرآن ـ للأخفش ١ : ٧٦ ، ٨٠ ، والمقتصد ١ : ٣١١ ، وابن يعيش ١ : ١٠٠ ، ٨ : ٩٥ ، والمغني ١ : ٢٧١ ، ٢ : ٤٨٣ ، واللسان (خلا) ١٤ : ٢٣٩ ، وشفاء العليل ١ : ٣٠٢ ، والخزانة ١ : ٣١٥ ، ٤٥٥ ، ٤ : ٣٦٩ (ه) ، ٨ : ١٩ ، ١١ : ٣٦٧.
(٤) ٢ : سورة البقرة ١٨٥.
(٥) ٦٢ : سورة الجمعة ٨.
(٦) البيت من الخفيف ، لعدي بن زيد العبادي. وروي عجزه :
... |
|
لك فاعلم لأي حال تصير |
وهو في : ديوانه ٨٤ ، والكتاب ١ : ١٤٠ ، والتحصيل ١٢٠ ، والخصائص ١ : ١٣٢ ، والأغاني ٢ : ١٥٢ ، واللسان (مغن) ، والخزانة ١ : ٣١٥.
(٧) الأصل غير واضح.