أو يكون على قوله :
١٢٩ ـ أري عينيك ما لم تر أياه |
|
كلانا عالم بالتّرهات (١) |
فحذف الألف للجزم ، ثم أبدل من الهمزة ألفا. ثم منع هذا الوجه الأخير في الفاتحة (٢) ، بعد تجويزه في مواضع شتى ، فالجواد قد يعثر ، والسيف قد ينبو.
[قال أبو الفتح] : وتكسر (إنّ) في كل موضع ، لو طرحتها منه ، لكان ما بعدها مرفوعا بالابتداء. تقول : إن زيدا قائم. فتكسر (إنّ) لأنك لو حذفتها ، لقلت : زيد قائم. وتفتح (أنّ) ، في كل موضع ، لو طرحتها منه ، وما عملت فيه ، لقلت : بلغني ذاك ومعنى الكلام ، معنى المصدر.
تقول : بلغني أنّ زيدا قائم. فتفتح (أنّ) ، لأنك ، لو طرحتها ، وما عملت فيه ، لقلت : بلغني ذاك.
ومعنى الكلام : بلغني قيام زيد.
[قلت] : اعتبر في كسر (إنّ) ، وفتحها الابتداء ب (إنّ) ، وقيام المصدر ، مقام (إنّ). وهذا ، وإن كان كذلك ، فالأحسن منه ، ما ذكره من أقام معه ، أربعين سنة ، وفهم عنه ، ما لم يفهم أحد ، وذلك ، لأنه قال : كل موضع احتمل وقوع كلتا الجملتين فيه ، فالباب كسر (إنّ). وكل موضع اختصّ بإحداهما ، فالباب فتح (أنّ) تقول : إنّ زيدا قائم ، بالكسر ، لأنك ، لو قلت : قال زيد : عمرو قائم ، أو قلت : قال زيد : قام عمرو ، جاز. وتقول : قال عمرو : إنّ محمدا رسول الله ، لأنك ، لو قلت : قال عمرو : محمد رسول الله ، أو قلت : قال عمرو : أرسل الله محمدا ، صح. وتقول : لو لا أن زيدا قائم لهلك عمرو ، فتفتح (أنّ) ، لأن (لو لا) تختص بإحدى الجملتين ، وهي الاسمية دون الفعلية. فعلى هذا يدور فتح (أنّ) وكسرها. وإن كان ما ذكره صالحا ، لكن هذا أوجه ، لأن (لو لا) يرتفع ما بعده بالابتداء ، ولا يكسر فيه (أنّ). وتقول : أول ما أقول إني أحمد الله ، بالكسر والفتح.
فالكسر ، لأنه حكاية القول ، على تقدير : أول قولي ، هذه المقالة ، والخبر محذوف. أعني خبر المبتدأ [٥١ / ب] ، والتقدير : أول قولي هذه المقالة ، موجود ، أو حاصل. والفتح على تقدير : أول ما أقوله قولي هذا ، فهو خبر. فالفتح ، لأنه مبني على المبتدأ.
وزعم (٣) أن الكلام إذا كان قصة ، وحديثا ، فالكسر. وإذا كان مبنيا على شيء ، فالفتح.
وتقول : ظننت أنّ زيدا قائم ، فتفتح (أنّ) لأن الموضع يختص بالاسمية دون الفعلية. فأما قوله تعالى : (وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً)(٤) وقوله : (فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما
__________________
(١) البيت من الوافر ، نسب إلى سراقة البارقي ، وهو في ملحق ديوان ابن قيس الرقيات ١٧٨. والمشكل ٢ : ٣٠٤ ، والمغني ٢ / ٤٨٥.
وبلا نسبة في : الخصائص ٣ : ١٥٣ ، والشافية ٣ : ٤١.
(٢) الحجة ـ لأبي علي الفارسي ١ : ٦٨ ، ٦٩.
(٣) أي : سيبويه. الكتاب ٣ : ١٤٢.
(٤) ١٠ : سورة يونس ٦٥.