وبكر إن عطفته على الضمير في خارج ، جاز. وفيه ضعف حتى تؤكده ، فتقول : خارج هو وبكر.
[قلت] : اعلم أنك ، إذا قلت : إن زيدا قائم وعمرو ، جاز نصب عمرو ، ورفعه. فالنصب [٥٢ / أ] على لفظ زيد ، والرفع من ثلاثة أوجه :
[الأول] : أن يكون رفع عمرو على موضع (إن زيدا) وذلك ، لأن موضع قولك : إنّ زيدا قائم ، مبتدأ. ألا ترى أنه لا فرق بين أن تقول : زيد قائم ، وبين أن تقول : إن زيدا قائم ، فالمعنيان واحد.
[الوجه الثاني] : أن يرتفع عمرو بالعطف على الضمير ، في قولك : إن زيدا قائم. أي : قائم هو وعمرو. ولكنك إذا أردت هذا ، فالأحسن إظهار الضمير.
[الوجه الثالث] : أن يرتفع عمرو بالابتداء ، والخبر مضمر. والتقدير : إن زيدا قائم وعمرو.
أي : وعمرو قائم. وهذه الأوجه الثلاثة ، تجوز في (لكنّ).
فأما ليت ، ولعل ، وكأنّ ، فيجوز فيهن وجهان. ولا يجوز فيه الحمل على الابتداء. ألا ترى أن قولك : ليت زيدا قائم ، بخلاف قولك : زيد قائم ، في المعنى. فلما تغير المعنى ، زال الابتداء ، ولم يجز الحمل عليه. ونظير هذا قولهم : (إن الذي يأتيني ، فله درهم) يجوز دخول الفاء في خبر الذي مع (إنّ) ، كما يجوز إذا لم تذكر (إنّ). قال الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ)(١) كما قال : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ)(٢) و (الذي) إذا كان مبتدأ ، دخل الفاء في خبره.
ولو قلت : ليت الذي يأتيني فله درهم ، لم يجز ، لأنه زال معنى الابتداء ، بدخول ليت. كما لم يجز العطف على موضع الابتداء في : ليت ، ولعل ، وكأن لم يجز دخول الفاء معهن فهاتان نتيجتان من بقاء معنى الابتداء ، بدخول (إنّ).
فأما (أنّ) المفتوحة ، فلا شك أنه يجوز فيه ما يجوز في (ليت) وهل يجوز فيه الوجه الآخر ، أعني الحمل على موضع (أنّ) ، فإن سيبويه ، لما ذكر الحمل على موضع (إنّ) من قولهم : إن زيدا قائم وعمرو ، قال : وقد جاء ذلك في التنزيل : (أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ)(٣) فزعم (٤) بعض الناس : أن سيبويه ، توهم أن قوله : (أنّ الله) بالكسر دون الفتح ، لهذا ذكر الآية. وإلا فلا يجوز الحمل على موضع (أنّ) ، كما لا يجوز الحمل على موضع : ليت ، ولعل ، وكأن.
وأبو الفتح سكت عن (أنّ) ، في اللمع ، وظاهر كلامه أنه أجراه مجرى (ليت) [٥٢ / ب] و (لعل). ولا ينبغي له ذلك ، لأنه ذكر في التنبيه عند قوله :
__________________
(١) ٨٥ : سورة البروج ١٠.
(٢) ٢ : سورة البقرة ٢٧٤.
(٣) ٩ : سورة التوبة ٣.
(٤) أي : سيبويه : الكتاب ٢ : ١٤٤ ، تحت باب : (ما يكون محمولا على إنّ ، فيشاركه فيه الاسم الذي وليها ويكون محمولا على الابتداء).