... |
|
وما كان نفسي ... |
وإن قاس التمييز على الحال ، كان قياسه فاسدا (١). لأن الحال ، الاسم الثاني ، فيه الأول.
والتمييز قد يكون الأول ، وغير الأول. ألا ترى أن قولك : هو أحسن منك ثوبا. فالثوب غير الأول. وإن كان طاب زيد نفسا ، النفس هو الأول. فلما كان كذلك ، كان أضعف من [الأول] ولا يجوز فيه ، ما جاز في الحال ، لضعف هذا ، وقوة ذاك.
قال سيبويه (٢) : قولهم : امتلأ الحوض ماءا ، وتصبّب زيد عرقا ، وتفقّأ الفرس شحما ، الفعل في هذه الأشياء لازم غير متعد. فالمنصوب بعده ليس بمفعول حقيقة ، إنما هو مشبّه بالمفعول. فلا يجوز فيه ، ما يجوز في المفعول من التقديم. لأن المشبه بالشيء ، لا يجري مجرى المشبه به.
نظيره (ما) مع ليس. ألا ترى جواز : ليس قائما زيد ، وامتناع : ما قائما زيد.
ومن المنصوب على التشبيه بالمفعول ، بمنزلة الوجه ، في قولهم : مررت برجل حسن الوجه ، [قول الشاعر] :
١٩٠ ـ أهوى لها أسفع الخدّين ، مطّرق |
|
ريش القوادم ، لم ينصب له الشّرك (٣) |
يصف صقرا. ونوّن : مطّرقا [٧٨ / أ] كتنوين : حسن. ونصب. ريش القوادم ، على التشبيه بالمفعول. ومثله [قول الشاعر] :
١٩١ ـ كم قد حسرنا من علاة عنس |
|
درفسة ، أو بازل درفس |
كبداء كالقوس ، وأخرى حلس |
|
محتنك ، ضخم شؤون الرأس (٤) |
فنون (ضخما) ونصب (شؤون) ك (حسن) الوجه. فأما قوله تعالى (ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً)(٥) ، فقد حمله المبرد (٦) ، على الحال ، دون التمييز. لأن (من) لا يصلح فيه. وجاز (طفل) في موضع أطفال ، كما جاز : (سامِراً تَهْجُرُونَ)(٧) بعد قوله : (مستكبرين به) في موضع : سمّار. وقد [قال الشاعر] :
١٩٢ ـ ... |
|
سادوك عن كابر (٨) |
__________________
(١) وهذا هو رأي المازني ، والمبرد. المقتضب ٣٣ : ٣٦ ، ٣٧.
(٢) الكتاب ١ : ٢٠٤ ، ٢٠٥.
(٣) البيت من البسيط ، لزهير بن أبي سلمى ، في : ديوانه ٧٩ ، والكتاب ١ : ١٩٥ ، والتحصيل ١٥٦ ، واللسان (هوا) ١٥ : ٣٧٠ ، وفي جميع الروايات : الشبك ، بدل : الشرك.
(٤) من الرجز ، للعجاج ، في : ديوانه ٤٧٢ ، ٤٧٣ ، والكتاب ١ : ١٩٦ ، والتحصيل ١٥٧ ، وفيهما عجز البيت الثاني ، وروايته : محتنك ، بدل : محتبك.
(٥) ٢٢ : سورة الحج ٥.
(٦) المقتضب ٢ : ١٧٣.
(٧) ٢٣ : سورة المؤمنون ٦٧.
(٨) البيت من السريع ، للأعشى. وهذه قطعة منه ، وتمامه :
ساد ، وألفى قومه سادة |
|
وكابرا سادوك عن كابر |
في : ديوانه ١٤١.