والجر ، صار بمنزلة آخر (مرمى) ، وإنما جسروا على حذف الألف ؛ لأنها ميتة ، لا يدخلها جر ولا نصب ولا رفع فحذفوها كما حذفوا ياء (ربيعة وحنيفة).
ولو كان آخر (مرامى وحبارى) متحركا لم يحذف لقوة المتحرك ، فأراك أن اعتلالها بالسكون طرق عليها الحذف ، كما يطرق المرض الموت)).
ج ـ الشاهد : استشهد ابن برهان في شرحه بالقرآن الكريم كثيرا ، فكل قاعدة يمكن أن يكون لها شاهد من القرآن ، فقد أتى بذلك الشاهد القرآني.
وأما الشعر ، فقد أكثر منه ، إذ كان راوية إخباريا (١) ، وتعود كثرة الشعر في شرحه لسببين :
الأول : استشهاده للقاعدة الواحدة ، بعدد من الأبيات ، حتى يبدو الاستشهاد مملا ، ومن أمثلة ذلك استشهاده على جواز صرف ما لا ينصرف في الشعر ، إذ استشهد لهذا الجواز بعشرة أبيات منها ، بيت النابغة :
فلتأتينك قصائد وليدفعن |
|
ألف إليك قوادم الأكوار (٢) |
وقول الأخطل :
طلب الأزارق بالكتائب إذ هوت |
|
بشبيب غائلة النفوس غدور (٣) |
الثاني : إيراده الأبيات السوابق ، واللواحق للبيت الذي فيه الشاهد النحوي ومن أمثلة ذلك استشهاده على وصل (من) عند ما تكون سؤالا لجمع المخاطبين المذكر ، مرفوعا ، فجميع النحويين يستشهدون بالبيت الذي يضم الشاهد وحده ـ وهو قول شمير بن الحارث الضبي :
أتوا ناري ، فقلت : منون؟ قالوا : |
|
سراة الجن قلت : عموا ظلاما |
أما ابن برهان فقد ذكر مع هذا البيت ثلاثة أبيات أخر ، لا علاقة لها بالقاعدة (٤). بل إنه ذكر قصيدة عبيد بن الأبرص البالغة ثمانية عشر بيتا برمتها ، وكان يكفيه لتمثيل القاعدة بيت أو بيتان ، ولكن لأنه اتفق لعبيد أن تكون (أل) التي حذفت همزة القطع فيها لكثرة الاستعمال ، في قصيدته في عروض القصيدة ، وما دخلت عليه في أول العجز ، فقد ذكرها كلها (٥) ، ومطلعها :
يا خليلي ، قفا واستخبر ال |
|
منزل الدارس عن أهل الحلال |
وأما استشهاده بالحديث النبوي الشريف ، فقد جرى على سنن النحويين قبله في قلة الاستشهاد منه ، إذ لم يتجاوز استشهاده بالحديث أكثر من تسعة أحاديث كما أحصاها محقق الكتاب ، الدكتور فائز فارس.
ولم يغفل ابن برهان عن أقوال العرب وأمثالهم ، إذ استشهد في شرحه ببعض أقوالهم وأمثالهم.
__________________
(١) شرح اللمع لابن برهان (المقدمة) ٧٨.
(٢) نفسه ٤٧٦.
(٣) نفسه ٤٧٧.
(٤) شرح اللمع لابن برهان ٤٩٨.
(٥) نفسه ٣٠٥ ، ٣٠٦.