التقدير : بل اتخذ مما يخلق بنات. فيكون خبرا ، لا جحدا وتفريعا ، فيؤدي إلى الكفر. وقول العرب : إنها لأبل أم شاء. معناه : بل أهي شاء. فالمبتدأ مضمر. وشاء : الخبر. و (أم) في البيت الذي أنشده منقطع ، لأن قبلها (هل) وبعدها الجملة ، قال علقمة بن عبدة :
٢٧٣ ـ هل ما علمت وما استودعت مكتوم |
|
أم حبلها إذ نأتك اليوم مصروم |
أم هل كبير بكى لم يقض عبرته |
|
إثر الأحبة ، يوم البين مشكوم (١) |
ومعناه : بل هل كبير بكى. فاعرفه.
وإما (إمّا) مكسورة مكررة ، فقد قيل : هي ليست من حروف العطف ، لأن حروف العطف تأتي بعد المعطوف عليه ، كقولك : قام زيد ، وعمرو. وأنت تقول : قام إما زيد ، وإما عمرو. ولأنك ، لا تدخل حرف العطف على مثله ، وقد أدخلت الواو على (إما) فليست من حروف العطف. وفي الجملة أنّ (إما) للشك ، ك (أو) إلا أن (أو) يدركك الشك فيه ، في آخر الكلام ، إذا قلت : قام زيد أو عمرو. لو لم تذكر : (أو) عمرو ، كان الكلام يقينا. وفي (إما) تبتدئ شاكا ، لأنك تقول : قام إما زيد ، وإما عمرو.
وأمّا (حتى) فقد تقدم في بابه.
وزعم قوم أنّ (ليس) يعطف بها ، [قال الشاعر] :
٢٧٤ ـ وإذا جوزيت قرضا ، فاجزه |
|
إنّما يجزي الفتى ، ليس الجمل (٢) |
ف (الجمل) رفع ، عطف على (الفتى). وهذا من هذا القائل خطأ. لأن (ليس) في هذا على بابه. والخبر مضمر. أي : ليس الجمل الذي يجزيه ، [١٠٨ / أ] فحذف الخبر. فاعرفه.
وبعد ، فإن القائل ، إذا قال : جاءني زيد ، وعمرو ، فالمعطوف عندنا ، لا يعمل فيه عامل مقدر ، وإنما يكون إعرابه على سبيل التبعية ، لما قبله. ويخالفنا في ذلك بعض البصريين. ويقول : إنا إذا قلنا : جاءني زيد ، وعمرو ، ورأيت زيدا ، وعمرا ، ومررت بزيد ، وعمرو ، لم يخل التقدير فيه من أن يكون : جاءني زيد ، وجاءني عمرو. ورأيت زيدا ، ورأيت عمرا. أو يكون التقدير فيه أن (الواو) هي العاملة. فلا تكون (الواو) عاملة ، لأن (الواو) لا ترفع مرة ، وتنصب أخرى ، وتجر ثالثة. فثبت أن التقدير : جاءني زيد ، وجاءني عمرو ، إلا أنه استغني عن ذكر جاءني ، ثانيا ، لدلالة الأولى عليه. فإنما يجيزون العطف على الأول ، إذا أمكن إظهار العامل ، لأنه هو العامل ، لا شيء آخر ، فلا يجيزون : ما زيد قائما ، ولا عمرو ذاهبا ، لأنه لا يجوز : ما زيد قائما ، ولا ما عمرو ذاهبا. وكذلك لا يجيزون : ليس زيد ، ولا عمرو ذاهبا ، لأنه لا يجوز : ليس زيد قائما ، ولا ليس عمرو ذاهبا.
__________________
(١) البيتان من البسيط ، لعلقمة الفحل ، في : ديوانه ٥٠ ، والمفضليات ٣٩٧ ، والخزانة ١١ : ٢٨٦ ، ٢٨٨ ، ٢٨٩ ، ٢٩٠ ، ٢٩٣ ، ٢٩٤.
(٢) البيت من الرمل ، للبيد بن ربيعة ، العامري ، في : ديوانه ١٤١ ، والكتاب ٢ : ٣٣٣ ، والخزانة ٩ : ٢٩٦ ، ٢٩٧ ، ٣٠٠ ، ١١ : ١٩٠ ، ١٩١.