مخلوق ، إذ عليه أجرى الله العادة في خلق هذه الأشياء في هذه الأزمنة ؛ فليس للمصادر به اختصاص.
فلو قلت : ((إن قولك (ضرب) يدل على الحدث ، والزمان المجهول ، قيل لك : زيد ، يدل على الحدث والزمان المجهول / إذ في الزمان خلق ، كما أن الضرب في الزمان حدث ، ولو لزمت ذلك ، لزمك أن تقول : إن الضرب يدل على الحدث ، والزمان المجهول ، والمكان الواقع فيه ؛ لأنه لا يقع إلا في مكان.
وفي المسألة إشكال ، ولم يقولوا فيه أكثر ، مما قلته لك)) (١).
ومن رده على أبي الفتح ، ما ذهب إليه أبو الفتح من إعمال (إن) التي للتحقيق ب (ما) التي للنفي ، على التشبيه ، فنصب (عبادا) في قراءة ابن جبير (٢) : (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ)(٣) ، حيث قال أبو الفتح ، هو كما تقول : ما الذين تدعون من دون الله عبادا أمثالكم (٤).
قال جامع العلوم : ((هذا كلامه ، ولو كانت صحبته مع الشيخ (٥) ، كما يدعيه ، وأنه لم يفهم أحد كلام الشيخ فهمه وأنه أقام معه أربعين سنة (٦) ، فإن تأثير الصحبة في هذه الآية لم يظهر ، لأن الشيخ ، رحمه الله ، ورضي عنه ذكر في الآية وجهين (٧). فأين منهما أبو الفتح ولم يفهمها ، وأين قوله : أقمت معه أربعين سنة)) (٨).
ب ـ رده على أبي علي الفارسي :
كان جامع العلوم عظيم الإجلال لأبي علي ، مولعا بآثاره ، بصيرا بدقائق كلامه ، وإخراج نفائسه ، ويلقبه : بفارس الصناعة (٩) ، والفارس ، وفارسهم (١٠). وأكبر دليل على احتفاله بأبي علي ، كتابه الموسوم ((الإستدراك على أبي علي)) الذي ما يزال مفقودا.
فمما رد وحاور واستدرك على أبي علي ، ما جاء في قوله تعالى : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ)(١١) ، فإن أبا علي قال : ((لا أعلق قوله (أو من وراء حجاب) ب (يكلم) المنصوب ؛ لأن في ذلك إعمال ما قبل (إلا) فيما بعده ؛ وذلك ممتنع ، ولكني أعلقه ب (يكلم)
__________________
(١) شرح اللمع لجامع العلوم ١٤١.
(٢) نفسه ١٢٤.
(٣) ٧ : سورة الأعراف ١٩٤.
(٤) شرح اللمع لجامع العلوم ١٢٥.
(٥) يعني : أبا علي الفارسي.
(٦) جواب (لو) محذوف ، وتقديره : لما وقع في هذا الخطأ ؛ إذ قال جامع العلوم قبل هذا الكلام : إن قول أبي الفتح لا يصح ، ينظر : شرح اللمع لجامع العلوم ١٢٥.
(٧) في نصب (عباد) هما : النصب على البدل ، والنصب على الحال.
(٨) شرح اللمع لجامع العلوم ١٢٥ ، ١٢٧.
(٩) أي : صناعة النحو ، ينظر : الجواهر : ٢ : ٥٥٧.
(١٠) أي : فارس النحويين ، ينظر : الجواهر : ٣ : ٧٩٠ ، ٧٩١ ، وشرح اللمع لجامع العلوم : ١٦٣ ، ١٧٥.
(١١) ٤٢ : سورة الشورى ٥١.