آخر ، مضمر لجري ذكره)) (١).
وقد تناول أبو علي هذه الآية في (التذكرة) (٢) و (الحجة). ويبدو أنه قد أصاب في (التذكرة) ، لأن جامع العلوم قال بعد محاورته بشأن هذه الآية : ((هذا كلامه الصحيح في التذكرة ، وقد خلط في الحجة ، وإذا عرض لك كلامه في موضع قد خلط فيه ، فلا تقفن عند ذلك الكلام ؛ بل تتبع كلامه ، فإنه لا يقتصر على دفعه في حل المشكلات ، بل يكررها في كتبه ، مرة بعد أخرى ، وأنت إذا وقفت ، واقتصرت على كلامه في موضع لم تحل بطائل (٣). ولم يجد عليك ولم يعبق بك من فوائده شيء وينبغي أن تعرف حقي عليك ، وتشكرني على ما أمنحكه من فوائده ، وتدعو لي آناء ليلك ونهارك ، فربما يمتعك الله بذلك ، والا لم يكن فيما استفدت تمتع)) (٤).
ثم يستمر جامع العلوم ، في الرد والمناقشة ، موردا آيات أخر ، كان أبو علي قد تكلم عليها في كتبه ، فيخلص إلى القول ، مخاطبا أبا علي : ((فهبك استقر كلامك على ما ذكرته في (التذكرة) ففهمنا بذلك أن الذي وقع في الحجة تخليط ؛ فلم ناقضت في هذا؟! فذكرت في (عسق) (٥).
خلاف ما ذكرت في (هود) (٦))).
وعلى الجملة ، فقد عفا الله عنك ؛ إذ لولاك لما فهم كتاب سيبويه ، ولا مشكلاته ، وإذا كان كذلك ، فبك نأخذ عليك (٧).
ج ـ رده على المبرد :
قال جامع العلوم : ((الاستثناء على ضربين : موجب ، ومنفيّ ، فالموجب قولك : قام القوم إلا زيدا. ف (زيد) مستثنى من موجب ، وهو منصوب ، وناصبه : الفعل قبله ؛ بتقوية (إلا) ف (إلا) عدت (قام) إلى زيد ، كما تعديه الباء في (مررت بزيد) (٨))).
وقال المبرد (٩) : إن زيدا منصوب ب (إلا) لأن (إلا) يدل على (أستثني) فأعمل (أستثني) الذي دل عليه (إلا).
قال جامع العلوم : ((وهذا غلط منه ، لأنه لو كان يصح هذا ؛ لوجب أن يقال : ما زيدا قائما ؛ فينصب (زيد) لأن (ما))) يدل على (أنفي). و : هل زيد قائما ؛ لأن (هل) يدل على (أستفهم). فهذه الحروف غير معملة بتة.
__________________
(١) شرح اللمع لجامع العلوم ٢٠٢.
(٢) التذكرة : من كتب أبي على التي ما تزال مفقودة.
(٣) لم تحل بطائل : لم تظفر ، ولم تستفد كبير فائدة.
(٤) شرح اللمع لجامع العلوم ٢٠٣.
(٥) ٤٢ : سورة الشورى ، ويعني به الآية ٥١.
(٦) في الآية ٢٧ ؛ إذ ذكر أبو علي أن انتصاب (بادي الرأي) إنما هو بقوله (اتبعك) وإن كان قبل (إلا) : ينظر : مجمع البيان ٥ : ١٥٣.
(٧) شرح اللمع لجامع العلوم ٢٠٤.
(٨) نفسه ١٩٤.
(٩) المقتضب ٤ : ٣٩٠.