وكذلك أمالوا خاف لانكسار الخاء في خفت تنبيها على أن الألف بدل من حرف مكسور في خاف إذ أصله خوف.
وكذلك أمالوا حبلى لأن هذه الألف وإن كانت زائدة فهي في حكم المنقلبة ، بدليل قولهم : حبليان لأنك لو اشتققت منه فعلا قلت حبليت وكذلك أمالوا عملت حسابي [١٧١ / ب] وكتبت كتابي أمالوا الألف الأولى لكسرة الفاء. وأمالوا الثانية التي هي بدل من التنوين لأجل الإمالة التي قبلها.
واعلم أنه يأتي حروف تسمى : الحروف المستعلية فتمنع الإمالة وهي الصاد والضاد والطاء والظاء والغين والخاء والقاف فلا تميل طالبا ، ولا ظالما ولا صالحا ولا ضامنا ولا غالبا ولا خالدا ولا قائما وإن وجدت الكسرة لأن الاستعلاء تصعّد أعني الاستعلاء بالألف والاستعلاء بهذه الحروف فتغلبان الكسرة فتمتنع الإمالة من أجل ذلك.
[فإن قلت] فلم قالوا صفاف وقفاف فامألوهما مع وجود المستعلية؟
[الجواب] : وإن كان كذلك فالمستعلية مكسورة فتغلب الكسرة ، فتميل الألف من أجل الكسرة التي في المستعلية.
وقد قالوا في مقلاة : مقلاة فأمالوا الألف. وفي مصفاة : مصفاة وإن لم تكن الكسرة في المستعلية تقديرا منهم كسرة الميم ، كأنها في المستعلية لأن المستعلية جاورت المكسور ، فكأنّ الكسر فيها.
ونظير هذا إبدالهم الواو الساكنة المضموم ما قبلها همزة ، في نحو موسى. قالوا : مؤسى كما قالوا في وجوه : أجوها. وفي وقّتت : أقّتت. فقدروا الضمة قبل الواو وكأنها في الواو ، فاستجازوا إبدالها همزة ، كإبدالهم المضمومة ، فكذلك هاهنا قدروا الكسرة كأنها في المستعلية.
[فإن قلت] : فقد قالوا قارب وصارم وضارب وطارد [وقال الشاعر] :
٣٥٩ ـ عسى الله يغني عن بلاد ابن قادر |
|
بمنهمر جون الرّباب سكوب (١) |
فأمالوا هذه الألفات مع وجود المستعلية
[الجواب] : وإن كان كذلك ، فإن الراء ، لما فيها من التكرير ، كأنه حرفان. وإذا كان بمنزلة حرفين مكسورين ، غلبت على المستعلية فجازت الإمالة معها بخلاف ما إذا كانت الراء مفتوحة ، أو مضمومة مع وجود الكسرة ، نحو راشد وفراش فإن الإمالة ممتنعة هنا لأن الراء غلبت على الكسرة ، هاهنا فمنعت الإمالة. فإن اجتمعت مكسورة ومفتوحة نحو القرار والأبرار غلبت المكسورة فجازت الإمالة كما غلبت المستعلية في قارب [١٧٢ / أ] وقادر لأن أقصى أحوال المفتوحة أن تكون بمنزلة المستعلية ونظير الإمالة من تجانس الصوت ، ما ذكرناه من نحو : الصّراط والصّويق وصقت. ولو كان
__________________
(١) البيت من الطويل ، لهدبة بن خشرم ، في : ديوانه ٧٦ ، والكتاب ٣ : ١٥٩ ، ٤ : ١٣٩.
وبلا نسبة في : التحصيل ٤٣٧ ، والمقتضب ٣ : ٤٨ ، وابن يعيش ٧ : ١١٧.