و (من) موصوفة ، لاحتياجها إلى إيضاح بالوصف.
[قال أبو الفتح] : وفي الفعل ، نحو : خذ ، وكل ومر.
[قلت] : أمر المخاطب عندنا (١) موقوف (٢) ، لأنه فعل.
وأصل الفعل البناء. وزعم الكوفي (٣) : أنه مجزوم بلام مقدرة (٤) ، لأن القائل إذا قال : خذ ، فكأنه قال : لتأخذ.
ألا ترى أنه [قال] :
١١ ـ محمّد ، تفد نفسك كلّ نفس |
|
إذا ما خفت من شيء تبالا (٥) |
فاللام مضمرة ، وحرف المضارعة محذوفة. وقد جاء : (قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا)(٦) فدل ذلك على أنّ (قم) بمعنى (لتقم) والا لم يكن لقوله ((فلتفرحوا)) وجه. [قلت] : إنّ الجازم لا يضمر ، كما أن الجار كذلك ، بل الجازم أضعف من الجار. وأما (محمد ، تفد نفسك) فمثله لا تثبت به القواعد ، والأصول لشذوذه ، وندوره.
وأما قوله (فلتفرحوا) فمروي عن النبي عليه السّلام ، وكان مبعوثا إلى الكافة ، فجمع بين علامة الغيبة ، وهو اللام ، وعلامة المخاطب ، وهو التاء. وهذا المعنى غير متصور في صفة غيره.
[قال أبو الفتح] : وفي الحرف ، نحو : هل ، وبل.
[قلت] : هما حرفان مبنيان. ف (هل) للاستفهام ، وبمعنى قد ، لقوله تعالى : (هَلْ أَتى عَلَى
__________________
(١) أي : عند النحويين البصريين.
(٢) أي : مبني.
(٣) أل في (الكوفي) : للجنس. أي : زعم النحويون الكوفيون ، إذ لا يقصد نحويا بعينه.
(٤) هذه مسألة خلافية بين الكوفيين ، والبصريين في فعل الأمر. أمعرب هو أم مبني؟
ذهب فيها الكوفيون إلى أن فعل الأمر معرب مجزوم ، وذهب فيها البصريون إلى أنه مبني على السكون.
ينظر : الإنصاف (مسألة ٧٢) ، ٢ : ٥٢٤.
(٥) البيت من الوافر ، وقد نسب إلى : أبي طالب عم النبي (صلّى الله عليه وسلّم) وحسان ، والأعشى ، وليس في ديوان أي منهم. وهو من شواهد الكتاب ٣ : ٨ ، وابن يعيش ٧ : ٣٥ ، ٦٠ ، ٩ : ٢٤ ، والإنصاف ٢ : ٥٣٠ ، وشرح شذور الذهب ٢١١.
وجاء في روايته : من أمر ، بدل : من شيء. والتبال : سوء العاقبة ، وأصله : الوبال ، بالواو ، فأبدلت الواو تاءا.
(٦) ١٠ : سورة يونس ٥٨.
رويت قراءة (فلتفرحوا) بالتاء عن النبي (صلّى الله عليه وسلّم) ، وقرأ بها : ابن عامر ، والكسائي ، وعثمان بن عفان ، وأبي ، وأنس ، والحسن ، وأبو رجاء ، وابن هرمز ، وابن سيرين ، وأبو جعفر المدني ، والسلمي ، وقتادة ، وابن عباس ، ويعقوب ، ورويس ، والمطوعي ، وزيد بن ثابت ، والعباس بن الفضل ، والجحدري ، والأعمش ، وهلال بن يساف ، وعمرو بن قائد. معاني القرآن ـ للفراء ١ : ٤٦٩ ، وتفسير الطبري ١١ : ٨٨ ، والسبعة ٣٢٧ ، وإعراب القرآن ـ للنحاس ٢ : ٦٥ ، والحجة ـ لابن خالويه ١٨٢ ، ومختصر شواذ القرآن ٥٧ ، وحجة القراءات ٣٣٣ ، ٣٣٤ ، والمحتسب ١ : ٣١٣ ، وتفسير التبيان ٥ : ٣٩٥ ، والكشاف ٢ : ٢٤٢ ، ومجمع البيان ٥ : ١١٦ ، وتفسير الرازي ١٧ : ١٢٤ ، وتفسير القرطبي ٨ : ٣٥٤ ، والبحر المحيط ٥ : ١٧٢ ، والنشر ٢ : ٢٨٥ ، وإتحاف الفضلاء ٢٥٢.