١٨ ـ ... |
|
بين ذراعي وجبهة الأسد (١) |
[وقول الشاعر] :
١٩ ـ لمّا رأت (ساتيدما) استعبرت |
|
لله درّ اليوم من لامها (٢) |
[قلت] : هذه الأشياء ، جاءت [١١ / أ] على نية التقديم ، والتأخير ، فلا ينتقض بها الأصل الذي أصلناه ، والقاعدة التي مهدناها.
[قال أبو الفتح] : وغير المنصرف ، وما شابه الفعل من وجهين ، وتدخله الضمة ، والفتحة ، ولا يدخله جر ، ولا تنوين ، ويكون في موضع الجر مفتوحا.
[قلت] : قوله : ما شابه الفعل من وجهين : أراد أن الأصل في الكلام : الأسماء ، والأفعال فروع عليها. ويتبين ذلك بشيئين : [الأول] : أن الفعل يصدر من الاسم ، فلا بد من أن يكون الاسم أصلا ، والفعل فرع عليه.
[الثاني] : أن يكون الكلام يجتمع من اسمين ، ولا فعل معهما ، كقولنا : الله ربنا ، ومحمد نبينا ، فثبت أن الاسم ، هو الأصل ، والفعل هو الفرع. وإذا كان كذلك ، فكل اسم اجتمع فيه فرعان ، كل واحد منهما فرع على أصل ، وجب منع التنوين منه أصلا ، والجر تبعا ، كما منعا للفعل.
والفروع التي ، إذا اجتمع منها فرعان في اسم ، منعا الصرف : تسعة : التعريف ، ووزن الفعل ، والتأنيث ، والوصف ، والعدل ، والعجمة ، والتركيب ، والجمع ، وزيادة الألف والنون ، فإذا قيل :
مررت بأحمد ، لم تنون ، ولم تجر ، لأن فيه فرعين : التعريف ، ووزن الفعل. فالتعريف فرع التنكير ، ووزن الفعل فرع وزن الاسم ، فامتنع من الصرف لذينك. كما أن الفعل لما كان فرعا منع الجر ، والتنوين ، ويكون في موضع الجر مفتوحا. والمبرد (٣) يزعم أنه في موضع الجر ، مبني. إذ لم يظهر فيه الإعراب. والاسم إذا لم يكن للعامل فيه تأثير كان مبنيا. وغيره يزعم أنه معرب ، وإن لم يظهر فيه الجر. أرأيت باب عصا ، ورحى ، هل يحكم بكونه مبنيا؟ فإذن الفتح قائم مقام الجر ، ونائب عنه.
__________________
(١) البيت من المنسرح ، نسب للفرزدق ، وليس في ديوانه ، وصدره :
يا من رأى عارضا اسرّ به |
|
... |
وهو بهذه النسبة في : الكتاب ١ : ١٨٠ ، والخزانة ٢ : ٣١٩.
وبلا نسبة في : الكتاب ١ : ١٨٠ ، والخصائص ٢ : ٤٠٧ ، والمغني ٢ : ٦٢١.
العارض : السحاب يعترض في الأفق. ذراعا الأسد ، وجبهته (منزلان من منازل القمر ينسب اليهما المطر).
(٢) البيت من السريع ، لعمرو بن قميئة البكري ، المعروف ب (عمرو الضائع) في : ديوانه ١٨٢ ، والكتاب ١ : ١٧٨ ، ١٩٤ ، ومجالس ثعلب ١ : ١٢٥ ، والأغاني ١٨ : ١٣٩ ـ ١٤٤ ، والإنصاف ٢ : ٤٣٢ ، وابن يعيش ٣ : ٢٠ ، والخزانة ٤ : ٤٠٥ ، ٤٠٦ ، ٤٠٧ ، ٤١١ ، ٤١٩.
ساتيدما : اسم جبل. استعبرت : بكت ، والضمير يعود على ابنته.
(٣) هو : أبو العباس محمد بن يزيد الأزدي (ت ٢٨٠ ه). كبير نحويي البصرة في عصره. أخذ عن : الجرمي ، والمازني ، وأشهر آثاره : (المقتضب). طبقات النحويين ١٠١ ، وأخبار النحويين البصريين ٧٢ ، والبلغة ٢٥٠ ، وينظر : (المبرد ، سيرته ومؤلفاته ١٠ ـ ١٩).