وكان ذا عناية بأخبار الصّوفيّة ، وصنف لهم سننا وتفسيرا وتاريخا.
وقال لي محمّد بن يوسف القطّان النّيسابوري : كان أبو عبد الرّحمن السلمي غير ثقة ، ولم يكن سمع من الأصم إلا شيئا يسيرا ، فلما مات الحكم أبو عبد الله بن البيع حدّث عن الأصم بتاريخ يحيى بن معين وبأشياء كثيرة سواه. قال : وكان يضع للصوفية الأحاديث.
قال الشيخ أبو بكر : قدر أبي عبد الرّحمن عند أهل بلده جليل ، ومحله في طائفته كبير ، وقد كان مع ذلك صاحب حديث مجودا جمع شيوخا وتراجم وأبوابا ، وبنيسابور له دويرة معروفة يسكنها الصّوفيّة قد دخلتها ، وقبره هناك يتبركون بزيارته قد رأيته وزرته.
أخبرنا أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري النّيسابوري قال : كنت بين يدي أبي علي الحسن بن عليّ الدّقّاق فجرى حديث أبي عبد الرّحمن السلمي وأنه يقوم في السماع موافقة للفقراء. فقال أبو عليّ : مثله في حاله ، لعل السكون أولى به. ثم قال لي : امض إليه فستجده قاعدا في بيت كتبه ، وعلي وجه الكتب مجلدة حمراء مربعة صغيرة فيها أشعار الحسين بن منصور ، فاحمل تلك المجلدة ولا تقل له شيئا وجئني بها. وكانت وقت الهاجرة فدخلت علي أبي عبد الرّحمن وإذا هو في بيت كتبه والمجلدة موضوعة بحيث ذكر ، فلما قعدت أخذ أبو عبد الرّحمن في الحديث. وقال : كان بعض الناس ينكر علي واحد من العلماء حركته في السماع ، فرئي ذلك الإنسان يوما خاليا في بيت وهو يدور كالمتواجد ، فسئل عن حاله. فقال : كانت مسألة مشكلة عليّ فتبين لي معناها فلم أتمالك من السرور حتى قمت أدور ، فقيل له : مثل هذا يكون حالهم. قال القشيري : فلما رأيت ما أمرني أبو علي ووصف لي على الوجه الذي قال وجري على لسان أبي عبد الرّحمن ما قد كان ذكره به ؛ وتحيرت وقلت : كيف أفعل بينهما؟ ثم أفكرت في نفسي وقلت لا وجه إلا الصدق ، فقلت : إن الأستاذ أبا علي وصف هذه المجلدة وقال لي احملها إليّ من غير أن تستأذن الشيخ ، وأنا أخافك وليس يمكنني مخالفته ، فأيش تأمر؟ فأخرج أجزاء مجموعة من كلام الحسين بن منصور وفيها تصنيف له سماه كتاب «الصيهور في نقض الدهور» وقال : احمل هذه إليه وقل له إني أطالع تلك المجلدة ، فأنقل منها أبياتا إلى مصنفاتي فخرجت.