أخبرني محمّد بن عليّ بن أحمد المقرئ قال أنبأنا محمّد بن عبد الله النّيسابوري الحافظ قال نبأنا أبو بكر محمّد بن أبي الهيثم المطوعي ببخارى قال نا محمّد بن يوسف الفربري قال سمعت أبا عبد الله محمّد بن إسماعيل يقول : أما أفعال العباد فمخلوقة ، فقد حدّثنا عليّ بن عبد الله قال ثنا مروان بن معاوية قال ثنا أبو مالك ، عن ربعي بن حراش ، عن حذيفة قال : قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «إن الله يصنع كل صانع وصنعته» (١).
قال أبو عبد الله : وسمعت عبيد الله بن سعيد يقول : سمعت يحيى بن سعيد يقول : ما زلت أسمع أصحابنا يقولون إن أفعال العباد مخلوقة.
قال أبو عبد الله البخاريّ : حركاتهم وأصواتهم ، واكتسابهم ، وكتابتهم ، مخلوقة ، فأما القرآن المتلو المبين المثبت في المصاحف المسطور المكتوب الموعى في القلوب ، فهو كلام الله ليس بخلق قال الله تعالى : (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) [العنكبوت ٤٩].
أخبرنا أبو حازم العبدوي قال سمعت الحسن بن أحمد بن شيبان يقول سمعت أبا حامد الأعمش يقول رأيت محمّد بن إسماعيل البخاريّ في جنازة أبي عثمان سعيد ابن مروان ومحمّد بن يحيى يسأله عن الأسامي وواكلني وعلل الحديث ، ويمر فيه محمّد بن إسماعيل مثل السهم ، كأنه يقرأ قل هو الله أحد ، فما أتى على هذا شهر حتى قال محمّد بن يحيى : ألا من يختلف إلى مجلسه لا يختلف إلينا ، فإنهم كتبوا إلينا من بغداد أنه تكلم في اللفظ ونهيناه فلم ينته ، فلا تقربوه ، ومن يقربه فلا يقربنا. فأقام محمّد بن إسماعيل هاهنا مدة وخرج إلى بخارى.
أخبرنا أبو سعيد محمّد بن حسنويه بن إبراهيم الأبيوردي قال أنبأنا أبو سعيد محمّد بن عبد الله بن حمدون قال سمعت أبا حامد الشرقي يقول سمعت محمّد بن يحيى يقول : القرآن كلام الله غير مخلوق من جميع جهاته وحيث يتصرف ، فمن لزم هذا استغنى عن اللفظ ، وعما سواه من الكلام في القرآن ، ومن زعم أن القرآن مخلوق فقد كفر ، وخرج عن الإيمان ، وبانت منه امرأته ، يستتاب ، فإن تاب وإلّا ضربت عنقه ، وجعل ماله فيئا بين المسلمين ، ولم يدفن في مقابر المسلمين ، ومن وقف وقال : لا أقول مخلوق أو غير مخلوق ، فقد ضاهى الكفر ، ومن زعم أن لفظي بالقرآن مخلوق فهذا
__________________
(١) ـ انظر الحديث في : الأحاديث الصحيحة ١٦٣٧ وتفسير ابن كثير ٧ / ٢٢.