أخبرنا عليّ بن أبي علي ، حدّثنا القاضي أبو الحسن الخرّزي الداودي ، قال : لما جلس محمّد بن داود بن علي الأصبهانيّ بعد وفاة أبيه في حلقته يفتي ، استصغروه عن ذلك ، فدسوا إليه رجلا وقالوا له : سله عن حد السّكر ما هو ، فأتاه الرجل فسأله عن حد السكر ما هو ، ومتى يكون الإنسان سكران؟ فقال محمّد : إذا عزبت عنه الهموم ، وباح بسره المكتوم. فاستحسن ذلك منه وعلم موضعه من العلم (١).
حدّثني القاضي أبو الطّيّب طاهر بن عبد الله الطّبريّ قال : حدّثني أبو العبّاس الخضري ـ شيخ كان بطبرستان وكان ممن يحضر مجلس محمّد بن داود الأصبهانيّ ـ قال : كنت جالسا عند أبي بكر محمّد بن داود فجاءته امرأة فقالت له : ما تقول في رجل عنده زوجة لا هو ممسكها ، ولا هو مطلقها؟ ومعني قولها : لا ممسكها أنه لا يقدر علي نفقتها. فقال أبو بكر بن داود : اختلف في ذلك أهل العلم فقال قائلون : تؤمر بالصبر والاحتساب ، ويبعث على التطلب والاكتساب. وقال قائلون : يؤمر بالإنفاق ، وإلا يحمل على الطلاق. قال أبو العبّاس : فلم تفهم قوله وأعادت مسألته وقالت له : رجل له زوجة لا هو ممسكها ولا هو مطلقها؟ فقال : يا هذه قد أجبتك عن مسألتك ، وأرشدتك إلى طلبتك ، ولست بسلطان فأمضي ، ولا قاضي فأقضي ، ولا زوج فأرضي ، انصرفي رحمك الله. قال : فانصرفت المرأة ولم تفهم جوابه ، قال لي القاضي أبو الطّيّب : كان الخضري شافعي المذهب إلا أنه كان يعجب بابن داود يقرظه ويصف فضله.
أخبرنا أبو عليّ محمّد بن الحسين الجازري ، حدّثنا المعافى بن زكريّا الجريري ، حدّثنا محمّد بن يحيى الصولي قال : كنت عند ثعلب جالسا فجاء محمّد بن داود الأصبهانيّ فقال له : أهاهنا شيء من صبوتك لله فأنشده :
سقي الله أياما لنا ولياليا |
|
لهن بأكناف الشباب ملاعب |
إذا العيش غض والزمان بعزة |
|
وشاهد آفات المحبين غائب (٢) |
حدّثنا أبو نعيم الحافظ ، حدثنا سليمان بن أحمد الطبراني ، أخبرني بعض أصحابنا قال : كتب بعض أهل الأدب إلى أبي بكر بن داود الفقيه الأصبهانيّ :
يا بن داود يا فقيه العراق |
|
أفتنا في قواتل الأحداق |
هل عليها القصاص في القتل يوما |
|
أم حلال لها دم العشاق |
__________________
(١) انظر الخبر في : المنتظم ١٣ / ٩٩.
(٢) انظر الخبر والأبيات في : المنتظم ١٣ / ٩٩.