رقعة وكتب فيها : أطال الله بقاك يا أبا العبّاس إن الدهر قد كلح فجرح وجمح فطمح ، وأفسد ما أصلح ، فإن لم تعن عليه فضح. ودفعها إلى الرجل فقال : أوصلها إلى الفضل بن يحيى ، قال : فأوصلها فدعا الفضل صاحب بيت ماله فقال : ما في بيت ما لنا؟ قال : ألف ومائتا دينار وثلاثون ألف درهم قال : احملها إلى أبي العبّاس وأعلمه أنا في ضيقة. فلما أتى بالمال. قال : ادفعوه إلى الرجل فقال : إنما يكفى هذا الرجل ألف أو ألفان ، قال : ما جاء بسببه فهو له.
أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن محمّد بن يوسف بن دوست البزّاز ، وأبو الحسين عليّ بن محمّد بن عبد الله بن بشران المعدّل ـ قال أحمد : حدّثنا وقال علي : أخبرنا عليّ بن محمّد المصري ، حدّثنا محمّد بن عمرو بن خالد ، حدّثنا أبي قال : بعث هارون أمير المؤمنين إلى محمّد بن السّمّاك في آخر شعبان فأحضره ، فقال له يحيى بن خالد : أتدري لم بعث إليك أمير المؤمنين؟ قال : لا أدري. قال له يحيى بن خالد : بعث لما بلغه عنك من حسن دعائك للخاصة والعامة ، فقال له ابن السّمّاك : أما ما بلغ أمير المؤمنين عني من ذلك فبستر الله الذي ستره علي ، ولو لا ستره لم يبق لنا ثناء ولا التقاء على مودة ، فالستر هو الذي أجلسني بين يديك يا أمير المؤمنين ، إني والله ما رأيت وجها أحسن من وجهك ، فلا تحرق وجهك بالنار. قال : فبكى هارون بكاء شديدا ثم دعا بماء فاستسقى فأتى بقدح فيه ماء فقال : يا أمير المؤمنين : أكلمك بكلمة قبل أن تشرب هذا الماء؟ قال : قل ما أحببت ، قال يا أمير المؤمنين لو منعت هذه الشربة إلّا بالدّنيا وما فيها أكنت تفتديها بالدّنيا وما فيها حتى تصل إليك فقال : نعم! قال : فاشرب ريا بارك الله فيك. فلما فرغ من شربه قال له : يا أمير المؤمنين ، أرأيت لو منعت إخراج هذه الشربة منك إلّا بالدّنيا وما فيها أكنت تفتدى ذلك بالدّنيا وما فيها؟ قال : نعم! قال : يا أمير المؤمنين فما تصنع بشيء شربة ماء خير منه؟ قال : فبكى هارون واشتد بكاؤه ، قال : فقال يحيى بن خالد : يا ابن السّمّاك قد آذيت أمير المؤمنين ، فقال له : وأنت يا يحيى فلا يغرنك رفاهية العيش ولينه.
أخبرني بكران بن الطّيّب السّقطيّ ـ بجرجرايا ـ حدّثنا محمّد بن أحمد بن محمّد المفيد ، حدّثنا عبد الرّحمن بن محمّد بن المغيرة ، حدّثنا أبي ، حدّثني أبي المغيرة بن شعيب قال : حضرت يحيى بن خالد البرمكي يقول لابن السّمّاك : إذا دخلت على هارون أمير المؤمنين فأوجز ولا تكثر عليه ، قال : فلما دخل عليه وقام بين يديه قال :