الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «اللهم اهد قريشا فإن عالمها يملأ طباق الأرض علما ، اللهم كما أذقتهم عذابا فأذقهم نوالا» دعا بها ثلاث مرات (١).
قال عبد الملك بن محمّد في قوله صلىاللهعليهوسلم : «فإن عالمها يملأ الأرض علما ، ويملأ طباق الأرض» علامة بينة للمميّز أن المراد بذلك ، رجل من علماء هذا الأمة من قريش قد ظهر علمه وانتشر في البلاد ، وكتبوا تآليفه كما تكتب المصاحف ، واستظهروا وأقواله ، وهذه صفة لا نعلمها قد أحاطت إلا بالشافعي ، إذ كان كل واحد من قريش من علماء الصحابة والتابعين ومن بعدهم وإن كان علمه قد ظهر وانتشر ، فإنه لم يبلغ مبلغا يقع تأويل هذه الرواية عليه ، إذ كان لكل واحد منهم نتف وقطع من العلم ومسيئلات (٢) ، وليس في كل بلد من بلاد المسلمين مدرس ومفت ومصنف يصنّف على مذهب قرشي إلا على مذهبه ، فعلم أنه يعنيه (٣) لا غيره. وهو الذي شرح الأصول والفروع ، وازدادت علي مرّ الأيام حسنا وبيانا (٤).
أخبرنا القاضي أبو الطّيّب الطّبريّ قال نبأنا عليّ بن إبراهيم بن أحمد البيضاوي قال أنبأنا أحمد بن عبد الرّحمن بن الجارود الرقي قال سمعت الرّبيع بن سليمان يقول ناظر الشّافعيّ محمّد بن الحسن بالرقة ، فقطعه الشّافعيّ ، فبلغ ذلك هارون الرشيد ، فقال هارون أما علم محمّد بن الحسن إذا ناظر رجلا من قريش أنه يقطعه سائلا أو مجيبا؟ والنبي صلىاللهعليهوسلم يقول : «قدّموا قريشا ولا تقدموها ، وتعلّموا منها ولا تعلّموها ، فإن علم العالم منهم يسع طباق الأرض (٥)».
أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال نا عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس قال نا إسماعيل بن عبد الله بن مسعود العبدي قال نا عثمان بن صالح قال نا ابن وهب قال أخبرني سعيد بن أبي أيّوب ، عن شراحيل بن يزيد ، عن أبي علقمة ، عن أبي هريرة قال : لا أعلمه إلا في النبي صلىاللهعليهوسلم. قال : «إن الله يبعث إلى هذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدّد لها دينها (٦)».
__________________
(١) ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٣٦٣ ، ٣٦٤.
(٢) في المطبوعة : (ومسألات)
(٣) في المطبوعة : (بعينه)
(٤) ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٣٦٤.
(٥) ـ انظر الحديث في : السنة لابن أبى عاصم ٢ / ٦٣٧. ومجمع الزوائد ١٠ / ٢٥. وإرواء الغليل ٢ / ٢٩٥. والدرر المنتثرة ١٢٢. وكشف الخفا ٢ / ١٤٠.
(٦) ـ انظر الحديث في : سنن أبى داود ٤٢٩١.