أمية الزهري ، وقيل : كتابا نعاينه حتى ينزل ، وسمي من سائلي اليهود : كعب بن الأشرف ، وفنحاص بن عازوراء. وقيل : السائلون هم اليهود والنصارى وسؤالهم إنما هو على سبيل التعنت. وقال الحسن : لو سألوه لكي يتبين الحق لأعطاهم ، فإن فيما أعطاكم كفاية.
(فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً) قدروا قبل هذا كلاما محذوفا ، فجعله الزمخشري شرطا هذا جوابه وتقديره : إن استكبرت ما سألوه منك ، فقد سألوا موسى أكبر من ذلك. وقدره ابن عطية : فلا تبال يا محمد عن سؤالهم وتشطيطهم ، فإنها عادتهم ، فقد سألوا موسى. وأسند السؤال إليهم ، وإن كان إنما وقع من آبائهم من نقبائهم السبعين ، لأنهم راضون بفعل آبائهم ومذاهبهم ، ومشابهون لهم في التعنت. وقرأ الحسن : أكثر بالثاء المثلثة بدل الباء في قراءة الجمهور ، ومعنى جهرة : عيانا رؤية منكشفة بينة. والجهرة من وصف الرّوية. واختلف في النقل عن ابن عباس فروى عنه : «أن جهرة من صفة السؤال ، فقد سألوا موسى. أو حالا من ضمير سألوا أي : سألوه مجاهرين. وروي عنه أن التقدير : فقالوا جهرة منه وتصريحا أرنا الله ، فيكون من صفة القول.
(فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ) أي : تعنتهم وسؤالهم ما ليس لهم أن يسألوه. وقال الزمخشري : بظلمهم بسبب سؤالهم الرؤية ، ولو طلبوا أمرا جائزا لما سموا ظالمين ، ولما أخذتهم الصاعقة. كما سأل ابراهيم عليهالسلام أن يريه إحياء الموتى فلم يسمه ظالما ، ولا رماه بالصاعقة للمشبهة ورميا بالصواعق انتهى ، وهو على طريقة الاعتزال في استحالة رؤية الله عندهم. وأهل السنة يعتقدون أنهم لم يسألوا محالا عقلا ، لكنه ممتنع من جهة الشرع ، إذ قد أخبر تعالى على ألسنة أنبيائه أنه لا يرى في هذه الحياة الدنيا ، والرؤية في الآخرة ثابتة عن الرسول صلىاللهعليهوسلم بالتواتر ، وهي جائزة عقلا ، وتقدّم الكلام في البقرة على الصاعقة. وقرأ السلميّ والنخعي : فأخذتهم الصعقة ، والجمهور الصاعقة.
(ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ) ثم : للترتيب في الأخبار لا في نفس الأمر ، ثم قد كان من أمرهم أن اتخذوا العجل : أي آباؤهم ، والذين صعقوا غير الذين اتخذوا العجل. والبينات : إجازة البحر ، والعصا ، وغرق فرعون ، وغير ذلك. وقال الحوفي : أعلم نبيه بعنادهم وإصرارهم فالمعنى : أنه لو نزل عليهم الذي سألوا لخالفوا أمر الله كما خالفوه من بعد إحياء الله لهم من صعقتهم ، وعبدوا العجل واتخذوه إلها.
(فَعَفَوْنا عَنْ ذلِكَ) أي : عن اتخاذهم العجل إلها عن جميع ما تقدم من مخالفتهم.