كافة. والضمير في فيه عائد على القتل معناه : في قتله ، وهذا هو الظاهر الذي يدل عليه ما قبله وما بعده. وقيل : الضمير في اختلفوا عائد على اليهود أيضا ، واختلافهم فيه قول بعضهم : إنه إله. وقول بعضهم : إنه ابن الله تعالى. وقيل : اختلافهم فيه أن النسطورية قالوا : وقع الصلب على ناسوته دون لاهوته. وقيل : وقع القتل والصلب عليهما. وقيل : عائد على اليهود والنصارى ، فإن اليهود قالوا : هو ابن زنا. وقالت النصارى : هو ابن الله. وقيل : اختلافهم من جهة أن النصارى قالوا : إن اليهود قتلته وصلبته ، واليهود الذين عاينوا رفعه قالوا : رفع إلى السماء. والجمهور على أنّ إلا اتباع الظنّ استثناء منقطع ، لأن اتباع الظنّ ليس من جنس العلم. أي : ولكنّ اتباع الظنّ لهم.
وقال الزمخشري : يعني ولكنهم يتبعون الظنّ ، وهذا تفسير معنى لا تفسير إعراب. وقال ابن عطية : هو استثناء متصل ، إذ الظنّ والعلم يضمهما أنهما من معتقدات اليقين. وقد يقول الظان على طريق التجوّز : علمي في هذا الأمر أنه كذا ، وهو يعني ظنه انتهى. وليس كما ذكر ، لأنّ الظنّ ليس من معتقدات اليقين ، لأنه ترجيح أحد الجائزين ، وما كان ترجيحا فهو ينافي اليقين ، كما أن اليقين ينافي ترجيح أحد الجائزين. وعلى تقدير أنّ الظنّ والعلم يضمهما ما ذكر ، فلا يكون أيضا استثناء متصلا ، لأنه لم يستثني الظنّ من العلم. فليست التلاوة ما لهم به من علم إلا الظنّ ، وإنما التلاوة إلا اتباع الظنّ ، والاتباع للظنّ لا يضمه والعلم جنس ما ذكر. وقال الزمخشري. (فإن قلت) : لم وصفوا بالشك والشك أنّ لا يترجح أحد الجائزين؟ ثم وصفوا بالظنّ والظنّ أن يترجح أحدهما ، فكيف يكونون شاكين ظانين؟ (قلت) : أريد أنهم شاكون ما لهم من علم قط ، ولكن لاحت لهم أمارة فظنوا انتهى. وهو جواب سؤاله ، ولكن يقال : لا يرد هذا السؤال لأنّ العرب تطلق الشك على ما لم يقع فيه القطع ، واليقين فيدخل فيه كلما يتردّد فيه ، إما على السواء بلا ترجيح ، أو بترجيح أحد الطرفين. وإذا كان كذلك اندفع السؤال.
(وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً) قال ابن عباس والسدي وجماعة : الضمير في قتلوه عائد على الظن. تقول : قتلت هذا الأمر علما إذا قطعت به وجزمت الجزم الذي لا يخالجه شيء. فالمعنى : وما صح ظنهم عندهم وما تحققوه يقينا ، ولا قطعوا الظن باليقين. وقال الفراء وابن قتيبة ؛ الضمير عائد على العلم أي : ما قتلوا العلم يقينا. يقال : قتلت العلم والرأي يقينا ، وقتلته علما ، لأن القتل للشيء يكون عن قهر واستعلاء ، فكأنه قيل : لم يكن علمهم بقتل المسيح علما أحيط به ، إنما كان ظنا. قال الزمخشري : وفيه تهكم ، لأنه إذا نفى