حضرت الرسول عليهالسلام ، فيتعذر عليهم ذلك المطلوب ، فيلجوا إلى قوم بينهم وبين الرسول عهد ، إلى أن يجدوا السبيل إليه انتهى.
وفي مصحف أبي وقراءته : ميثاق جاؤوكم بغير واو. قال الزمخشري : ووجهه أن يكون جاؤوكم بيانا ليصلون ، أو بدلا ، أو استئنافا ، أو صفة بعد صفة لقوم انتهى. وهي وجوه محتملة ، وفي بعضها ضعف. وهو البيان والبدل ، لأن البيان لا يكون في الأفعال ، ولأن البدل لا يتأتى لكونه ليس إياه ، ولا بعضا ، ولا مشتملا. ومعنى حصرت : ضاقت ، وأصل الحصر في المكان ، ثم توسع فيه حتى صار في القول. قال :
ولقد تكنفني الوشاة فصادفوا |
|
حصرا بسرك يا أميم ضنينا |
وقيل : معناه كرهت. والمعنى : كرهوا قتالكم مع قومهم معكم. وقيل : معناه أنهم لا يقاتلونكم ولا يقاتلون قومهم معكم ، فيكونون لا عليكم ولا لكم. وقرأ الجمهور : حصرت. وقرأ الحسن وقتادة ويعقوب : حصرة على وزن نبقة ، وكذا قال المهدوي عن عاصم في رواية حفص. وحكي عن الحسن أنه قرأ : حصرات. وقرئ : حاصرات. وقرئ : حصرة بالرفع على أنه خبر مقدم ، أي : صدورهم حصرة ، وهي جملة اسمية في موضع الحال. فأما قراءة الجمهور فجمهور النحويين على أنّ الفعل في موضع الحال. فمن شرط دخول قد على الماضي إذا وقع حالا زعم أنها مقدرة ، ومن لم ير ذلك لم يحتج إلى تقديرها ، فقد جاء منه ما لا يحصى كثرة بغير قد. ويؤيد كونه في موضع الحال قراءة من قرأ ذلك اسما منصوبا ، وعن المبرد قولان : أحدهما : أنّ ثم محذوفا هو الحال ، وهذا الفعل صفته أي : أو جاؤوكم قوما حصرت صدورهم. والآخر : أنه دعاء عليهم ، فلا موضع له من الإعراب. ورد الفارسي على المبرد في أنه دعاء عليهم بأنا أمرنا أن نقول : اللهم أوقع بين الكفار العداوة ، فيكون في قوله : أو يقاتلوا قومهم ، نفي ما اقتضاه دعاء المسلمين عليهم. قال ابن عطية : ويخرج قول المبرد على أنّ الدعاء عليهم بأن لا يقاتلوا المسلمين تعجيز لهم ، والدعاء عليهم بأن لا يقاتلوا قومهم تحقير لهم ، أي : هم أقل وأحقر ، ويستغني عنهم كما تقول إذا أردت هذا المعنى : لا جعل الله فلانا علي ولا معي ، بمعنى : استغنى عنه ، واستقل دونه. وقال غير ابن عطية : أو تكون سؤالا لموتهم ، على أنّ قوله : قومهم ، قد يعبر به عن من ليسوا منهم ، بل عن معاديهم. وأجاز أبو البقاء أن يكون حصرت في موضع جر صفة لقوم ، وأو جاؤوكم معترض. قال : يدل عليه قراءة من أسقط أو ، وهو أبي. وأجاز أيضا أن يكون حصرت بدلا من جاؤوكم ، قال : بدل اشتمال ، لأن المجيء مشتمل