حسن يوسف : (فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) (١) وقال الشاعر :
فلست بإنسي ولكن لملأك |
|
تنزل من جوف السماء يصوب |
وقال الزمخشري : (فإن قلت) : علام عطف ولا الملائكة المقربون؟ (قلت) : إما أن يعطف على المسيح ، أو على اسم يكون ، أو على المستتر في عبدا لما فيه من معنى الوصف ، لدلالته على معنى العبادة ، وقولك : مررت برجل عبد أبوه ، فالعطف على المسيح هو الظاهر لأداء غيره إلى ما فيه بعض انحراف عن الغرض ، وهو أن المسيح لا يأنف أن يكون هو ولا من فوقه موصوفين بالعبودية ، أو أن يعبد الله هو ومن فوقه انتهى. والانحراف عن الغرض الذي أشار إليه هو كون الاستنكاف يكون مختصا بالمسيح ، والمعنى القائم اشتراك الملائكة مع المسيح في انتفاء الاستنكاف عن العبودية ، لأنه لا يلزم من استنكافه وحده أن يكون هو والملائكة عبيدا ، أو أن يكون هو وهم يعبد ربه استنكافهم هم ، فقد يرضى شخص أن يضرب هو وزيد عمرا ولا يرضى ذلك زيد ويظهر أيضا مرجوحية الوجهين من جهة دخول لا ، إذ لو أريد العطف على الضمير في يكون ، أو على المستتر في عبدا. لم تدخل لا ، بل كان يكون التركيب بدونها تقول : ما يريد زيد أن يكون هو وأبوه قائمين ، وتقول : ما يريد زيد أن يصطلح هو وعمرو ، فهذان ونحوهما ليسا من مظنات دخول لا ، فإن وجد من لسان العرب دخول لا في نحو من هذا فهي زائدة.
(وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً) حمل أولا على لفظ من فأفرد الضمير في يستنكف ويستكبر ، ثم حمل على المعنى في قوله : فسيحشرهم ، فالضمير عائد على معنى من هذا هو الظاهر ، ويحتمل أن يكون الضمير عامّا عائدا على الخلق لدلالة المعنى عليه ، لأن الحشر ليس مختصا بالمستنكف ، ولأنّ التفصيل بعده يدل عليه. ويكون ربط الجملة الواقعة جوابا لاسم الشرط بالعموم الذي فيها ، ويحتمل أن يعود الضمير على معنى من ، ويكون قد حذف معطوف عليه لمقابلته إياه التقدير : فسيحشرهم ومن لم يستنكف إليه جميعا كقوله : (سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ) (٢) أي : والبرد. وعلى هذين الاحتمالين يكون ما فصل بإمّا مطابقا لما قبله ، وعلى الوجه الأوّل لا يطابق. والإخبار
__________________
(١) سورة يوسف : ١٢ / ٣١.
(٢) سورة النحل : ١٦ / ٣١.