ضربت زيدا ضربت زيدا العاقل ، انبغى أن يكون العاقل نعتا لزيد في الجملة الأولى ، لا لزيد في الجملة الثانية ، لأنها جملة مؤكدة للجملة الأولى. والمقصود بالإسناد إنما هو الجملة الأولى لا الثانية. قيل : وثم معطوف محذوف للاختصار ، ودلالة الكلام عليه. والتقدير : ليس له ولد ولا والد.
(وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ) أي إن قدّر الأمر على العكس من موتها وبقائه بعدها. والمراد بالولد هنا الابن ، لأن الابن يسقط الأخ دون البنت. قال الزمخشري : (فإن قلت) : الابن لا يسقط الأخ وحده ، فإن الأب نظيره في الإسقاط ، فلم اقتصر على نفي الولد؟ (قلت) : وكل حكم انتفاء الوالد إلى بيان السنة وهو قوله عليهالسلام : «ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولي عصبة» ذكر الأب أولى من الأخ ، وليسا بأول حكمين بين أحدهما بالكتاب والآخر بالسنة. ويجوز أن يدل بحكم انتفاء الولد على حكم انتفاء الوالد ، لأنّ الولد أقرب إلى الميت من الوالد. فإذا ورث الأخ عند انتفاء الأقرب ، فأولى أن يرث عند انتفاء الأبعد ، ولأن الكلالة تتناول انتفاء الوالد والولد جميعا ، فكان ذكر انتفاء أحدهما دالا على انتفاء الآخر انتهى كلامه. والضمير في قوله : وهو وفي يرثها عائد إلى ما تقدم لفظا دون معنى ، فهو من باب عندي درهم ونصفه ، لأن الهالك لا يرث ، والحية لا تورث ، ونظيره في القرآن : (وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ) (١) وهذه الجملة مستقلة لا موضع لها من الإعراب ، وهي دليل جواب الشرط الذي بعدها. (فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ) قالوا : الضمير في كانتا ضمير أختين دل على ذلك قوله : وله أخت. وقد تقرر في علم العربية أن الخبر يفيد ما لا يفيده الاسم. وقد منع أبو عليّ وغيره سيد الجارية مالكها ، لأن الخبر أفاد ما أفاده المبتدأ. والألف في كانتا تفيد التثنية كما أفاده الخبر ، وهو قوله اثنتين. وأجاب الأخفش وغيره بأن قوله : اثنتين يدل على عدم التقييد بالصغر أو الكبر أو غيرهما من الأوصاف ، فاستحق الثلثان بالاثنينية مجردة عن القيود ، فلهذا كان مفيدا وهذا الذي قالوه ليس بشيء ، لأن الألف في الضمير للاثنتين يدل أيضا على مجرد الاثنينية من غير اعتبار قيد ، فصار مدلول الألف ومدلول اثنتين سواء ، وصار المعنى : فإن كانتا الأختان اثنتين ، ومعلوم أنّ الأختين اثنتان. وقال الزمخشري : (فإن قلت) : إلى من يرجع ضمير التثنية والجمع في قوله : فإن كانتا اثنتين ، وإن كانوا إخوة؟ (قلت) : أصله فإن كان من يرث
__________________
(١) سورة فاطر : ٣٥ / ١١.