حكمة ومصلحة. وقال ابن عطية : وقد نبه على ما تضمنته هذه الآية من الأحكام ما نصه هذه الآية مما يلوح فصاحتها وكثرة معانيها على قلة ألفاظها لكل ذي بصر بالكلام ، ولمن عنده أدنى بصيرة. ثم ذكر ابن عطية الحكاية التي قدمناها عن الكندي وأصحابه ، وفي مثل هذا أقول من قصيدة مدحت بها رسول الله صلىاللهعليهوسلم معارضا لقصيدة كعب منه في وصف كتاب الله تعالى :
جار على منهج الأعراب أعجزهم |
|
باق مدى الدهر لا يأتيه تبديل |
بلاغة عندها كعّ البليغ فلم |
|
ينبس وفي هديه طاحت أضاليل |
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ) خرج سريح أحد بني ضبيعة إلى مكة حاجا وساق الهدي.
وفي رواية ومعه تجارة ، وكان قبل قد قدم المدينة وتكلم مع الرسول صلىاللهعليهوسلم وتروّى في إسلامه ، وقال الرسول عليهالسلام : «لقد دخل بوجه كافر وخرج بعقبي غادر» فمر بسرح بالمدينة فاستاقه ، فلما قدم مكة عام الحديبية أراد أهل السرح أن يغيروا عليه ، واستأذنوا الرسول ، فنزلت. وقال السدي : اسمه الحطيم بن هند البلدي أحد بني ضبيعة ، وأراد الرسول أن يبعث إليه ناسا من أصحابه فنزلت. وقال ابن زيد : نزلت بمكة عام الفتح وحج المشركون واعتمروا فقال المسلمون : يا رسول الله إن هؤلاء مشركون فلن ندعهم إلا أن نغير عليهم ، فنزل القرآن.
(وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ) (١) والشعائر جمع شعيرة أو شعارة ، أي : قد أشعر الله أنها حده وطاعته ، فهي بمعنى معالم الله ، وتقدم تفسيرها في (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ) (٢). قال الحسن : دين الله كله يعني شرائعه التي حدها لعباده ، فهو عام في جميع تكاليفه تعالى. وقال ابن عباس : ما حرم عليكم في حال الإحرام. وقال أيضا هو ومجاهد : مناسك الحج. وقال زيد بن أسلم : شعائر الحج وهي ست : الصفا والمروة ، والبدن ، والجمار ، والمشعر الحرام ، وعرفة ، والركن. وقال أيضا : المحرمات خمس : الكعبة الحرام ، والبلد الحرام ، والشهر الحرام ، والمسجد الحرام ، حتى يحل. وقال ابن الكلبي : كان عامّة العرب لا يعدون الصفا والمروة من الشعائر ، وكانت قريش لا تقف بعرفات ، فنهوا عن ذلك. وقيل : الأعلام المنصوبة المتفرقة بين الحل والحرم نهوا أن يتجاوزوها إلى
__________________
(١) سورة المائدة : ٥ / ٢.
(٢) سورة البقرة : ٢ / ١٥٨.