لعمرك ما تدري الضوارب بالحصى |
|
ولا زاجرات الطير ما الله صانع |
وروي هذا عن ابن جبير قالوا : وأزلام العرب ثلاثة أنواع : أحدها : الثلاثة التي يتخذها كل إنسان لنفسه في أحدها افعل وفي الآخر لا تفعل والثالث غفل فيجعلها في خريطة ، فإذا أراد فعل شيء أدخل يده في الخريطة منسابة ، وائتمر بما خرج له من الآمر أو الناهي. وإن خرج الغفل أعاد الضرب. والثاني : سبعة قداح كانت عندها في جوف الكعبة ، في أحدها العقل في أمر الديات من يحمله منهم فيضرب بالسبعة ، فمن خرج عليه قدح العقل لزمه العقل ، وفي آخر تصح ، وفي آخر لا ، فإذا أرادوا أمرا ضرب فيتبع ما يخرج ، وفي آخر منكم ، وفي آخر من غيركم ، وفي آخر ملصق ، فإذا اختلفوا في إنسان أهو منهم أم من غيرهم ضربوا فاتبعوا ما خرج ، وفي سائرها لأحكام المياه إذا أرادوا أن يحفروا لطلب المياه ضربوا بالقداح ، وفيها ذلك القداح ، فحيث ما خرج عملوا به. وهذه السبعة أيضا متخذة عند كل كاهن من كهان العرب وحكامهم على ما كانت في الكعبة عند هبل. والثالث : قداح الميسر وهي عشرة ، وتقدم شرح الميسر في سورة البقرة.
(ذلِكُمْ فِسْقٌ) الظاهر أنّ الإشارة إلى الاستقسام خاصة ، ورواه أبو صالح عن ابن عباس. وقال الزمخشري : إشارة إلى الاستقسام ، وإلى تناول ما حرم عليهم ، لأن المعنى : حرم عليهم تناول الميتة وكذا وكذا. (فإن قلت) : لم كان استقسام المسافر وغيره بالأزلام ليعرف الحال فسقا؟ (قلت) : لأنه دخول في علم الغيب الذي استأثر به علام الغيوب ، وقال : (لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ) (١) واعتقاد أن إليه طريقا وإلى استنباطه. وقوله : أمرني ربي ونهاني ربي افتراء على الله تعالى ، وما يبديه أنه أمره أو نهاه الكهنة والمنجمون بهذه المثابة ، وإن كان أراد بالرب الصنم. فقد روي أنهم كانوا يحلون بها عند أصنامهم ، وأمره ظاهر انتهى. قال الزمخشري في اسم الإشارة رواه عن ابن عباس عليّ بن أبي طلحة ، وهو قول ابن جبير. قال الطبري : ونهى الله عن هذه الأمور التي يتعاطاها الكهان والمنجمون ، لما يتعلق بها من الكلام في المغيبات. وقال غيره : العلة في تحريم الاستقسام بالأزلام كونها يؤكل بها المال بالباطل ، وكانوا إذا أرادوا أن يختنوا غلاما أو ينكحوا أو يدفنوا ميتا أو شكوا في نسب ، ذهبوا إلى هبل بمائة درهم وجزور ، فالمائة للضارب بالقداح ، والجزور ينحر ويؤكل ، ويسمون صاحبهم ويقولون لهبل : يا إلهنا هذا
__________________
(١) سورة النمل : ٢٧ / ٦٥.