والثوري ، وإسحاق. وأجاز أكل صيد كلابهم : مالك ، وأبو حنيفة ، والشافعي إذا كان الصائد مسلما. قالوا : وذلك مثل شفرته. والجمهور : على جواز ما صاد الكتابي. وقال مالك : لا يجوز فرق بين صيده وذبيحته. وما صاد المجوسي فالجمهور على منع أكله : عطاء ، وابن جبير ، والنخعي ، ومالك ، وأبو حنيفة ، والليث ، والشافعي. وقال أبو ثور : فيه قول أنهم أهل كتاب ، وأن صيدهم جائز ، وما علمتم موضع ما رفع على أنه معطوف على الطيبات ، ويكون حذف مضاف أي : وصيد ما علمتم ، وقدره بعضهم : واتخاذ ما علمتم. أو رفع على الابتداء ، وما شرطية ، والجواب : فكلوا. وهذا أجود ، لأنه لا إضمار فيه.
وقرأ ابن عباس وقرأ ابن عباس وابن الحنفية : وما علمتم مبنيا للمفعول أي : من أمر الجوارح والصيد بها. وقرأ : مكلبين من أكلب ، وفعل وأفعل ، قد يشتركان. والظاهر دخول الكلب الأسود البهيم في عموم الجوارح ، وأنه يجوز أكل صيده ، وبه قال الجمهور.
ومذهب أحمد وجماعة من أهل الظاهر : أنه لا يجوز أكل صيده ، لأنه مأمور بقتله ، وما أوجب الشرع قتله فلا يجوز أكل صيده. وقال أحمد : لا أعلم أحدا رخص فيه إذا كان بهيما وبه قال : ابن راهويه. وكره الصيد به : الحسن ، وقتادة ، والنخعي. وقد تقدم ذكر أقصى غاية التعليم في الكلب ، أنه إذا أمر ائتمر ، وإذا زجر انزجر. وزاد قوم شرطا آخر وهو أن لا يأكل مما صاد ، فأما سباع الطير فلا يشترط فيها الأكل عند الجمهور. وقال ربيعة : ما أجاب منها فهو المعلم. وقال ابن حبيب : لا يشترط فيها إلا شرط واحد : وهو أنه إذا أمرها أطاعت ، فإن انزجارها إذا زجرت لا يتأتى فيها. وظاهر قوله : وما علمتم ، حصول التعليم من غير اعتبار عدد. وكان أبو حنيفة لا يجد في ذلك عددا. وقال أصحابنا : إذا صاد الكلب وأمسك ثلاث مرات فقد حصل له التعليم. وقال غيرهم : إذا فعل ذلك مرة واحدة فقد صار معلما.
(تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ) أي : إنّ تعليمكم إياهنّ ليس من قبل أنفسكم ، إنما هو من العلم الذي علمكم الله ، وهو أن جعل لكم روية وفكرا بحيث قبلتم العلم. فكذلك الجوارح بصبر لها إدراك ما وشعور ، بحيث يقبلن الائتمار والانزجار. وفي قوله : مما علمكم الله ، إشعار ودلالة على فضل العلم وشرفه ، إذ ذكر ذلك في معرض الامتنان. ومفعول علم وتعلمونهنّ الثاني محذوف تقديره : وما علمتموه طلب الصيد لكم لا لأنفسهنّ تعلمونهنّ ذلك ، وفي ذلك دلالة على أن صيد ما لم يعلم حرام أكله ، لأنّ الله تعالى إنما أباح ذلك بشرط التعليم. والدليل على ذلك الخطاب في عليكم في قوله : فكلوا مما