للحق من أئمة الزيدية. وقال الحسن البصري ، وابن جرير الطبري : يخير بين المسح والغسل ومن أوجب الغسل تأول أنّ الجر هو خفض على الجواز ، وهو تأويل ضعيف جدا ، ولم يرد إلا في النعت ، حيث لا يلبس على خلاف فيه قد قرر في علم العربية ، أو تأول على أنّ الأرجل مجرورة بفعل محذوف يتعدى بالباء أي : وافعلوا بأرجلكم الغسل ، وحذف الفعل وحرف الجرّ ، وهذا تأويل في غاية الضعف. أو تأول على أنّ الأرجل من بين الأعضاء الثلاثة المغسولة مظنة الإسراف المذموم المنهي عنه ، فعطف على الرابع الممسوح لا ليمسح ، ولكن لينبّه على وجوب الاقتصاد في صب الماء عليها. وقيل : إلى الكعبين ، فجيء بالغاية إماطة لظن ظان يحسبها ممسوحة ، لأنّ المسح لم يضرب له غاية انتهى هذا التأويل. وهو كما ترى في غاية التلفيق وتعمية في الأحكام. وروي عن أبي زيد : أن العرب تسمي الغسل الخفيف مسحا ويقولون : تمسحت للصلاة بمعنى غسلت أعضائي.
وقرأ نافع ، والكسائي ، وابن عامر ، وحفص : وأرجلكم بالنصب. واختلفوا في تخريج هذه القراءة ، فقيل : هو معطوف على قوله : وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وأرجلكم إلى الكعبين ، وفيه الفصل بين المتعاطفين بجملة ليست باعتراض ، بل هي منشئة حكما. وقال أبو البقاء : هذا جائز بلا خلاف. وقال الأستاذ أبو الحسن بن عصفور : وقد ذكر الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه ، قال : وأقبح ما يكون ذلك بالجمل ، فدل قوله هذا على أنه ينزه كتاب الله عن هذا التخريج. وهذا تخريج من يرى أنّ فرض الرجلين هو الغسل ، وأما من يرى المسح فيجعله معطوفا على موضع برؤوسكم ، ويجعل قراءة النصب كقراءة الجرّ دالة على المسح. وقرأ الحسن : وأرجلكم بالرفع ، وهو مبتدأ محذوف الخبر أي : اغسلوها إلى الكعبين على تأويل من يغسل ، أو ممسوحة إلى الكعبين على تأويل من يمسح. وتقدم مدلول الكعب. قال ابن عطية : قول الجمهور هما حدّ الوضوء بإجماع فيما علمت ، ولا أعلم أحدا جعل حدّ الوضوء إلى العظم الذي في وجه القدم. وقال غيره : قالت الإمامية : وكل من ذهب إلى وجوب مسح الكعب هو الذي في وجه القدم ، فيكون المسح مغيا به. وقال ابن عطية : روى أشهب عن مالك : الكعبان هما العظمان الملتصغان بالساق المحاذيان للعقب ، وليس الكعب بالظاهر الذي في وجه القدم ، ويظهر ذلك من الآية في قوله : في الأيدي إلى المرافق ، إذ في كل يد مرفق. ولو كان كذلك في الأرجل لقيل إلى الكعوب ، فلما كان في كل رجل كعبان خصتا بالذكر انتهى. ولا دليل في قوله في